فإذا شاهدوا الوجود الساري في الكائنات، ظهر لهم هذا الوجود وهم يظنونه الله، فسموها مظاهر ومجالي، لأنها أظهرت لهم ما ظنوا أنه الله.
ولو أنهم جعلوها آيات أظهرت لهم وبينت ما دلت عليه من وجوه، وعلمه وقدرته ورحمته وحكمته، مع علمهم بأن وجوده مباين لوجودها -لكانوا مهتدين.
وما ذكره هذا الرجل موافقاً فيه لصاحب المشكاة أن النور سبب وجود الألوان، وسبب إدراكنا لها، كما أن الله سبب وجود الموجودات، وسبب معرفتنا بها -ليس بمستقيم، فإن الألوان موجودة في نفسها، سواء أدركناها أو لم ندركها، وهي في نفسها مستغنية عن النور، ولكن النور شرط في إدراكنا لها، لا في وجودها.
وليس المخلوق مع الخالق كذلك، بل الخالق هو المبدع لأعيان الموجودات، وليس هو معها كالشرط مع المشروط، ونحو ذلك مما يقتضيه كلام هذا الرجل في تهافت التهافت وكلام أمثاله من هؤلاء المتفلسفة الاتحادية وغيرهم، الذين يجعلونه مع الموجودات كالمادة مع الصورة، وكالصورة مع المادة، كالكلي مع الجزئي، كالجنس مع النوع، أو النوع مع الشخص، ونحو ذلك من التمثلات التي يقتضي أنه مفتقر إليها، وهي مفتقرة إليه، وكل منهما مع الآخر، كالشرط مع المشروط، كما قد صرح بذلك صاحب الفصوص وغيره.
بل هو سبحانه الغني بنفسه عن كل ما سواه من كل وجه، وكل ما