قال أبو البركات: فإما أن لا يكون مبدأ أولاً، وإما أن لا يكون واجب الوجود من جميع جهاته، أعني من جهة إضافاته إلى ما وجوده بعد وجوده بالذات.
وأما قوله: لولا أمور من خارج لم يكن هو بحال كذا، فكذلك لولا المخلوقات لم يكن مبدأً أولاً، لكن ليس ذلك بمحال، وقد رد على طريقي المساعدة والمخالفة.
وأما قوله: وتكون له حال لا تلزم عن ذاته، بل عن غيره، فقول باطل، وذلك أن العلم إضافة لزمت عن ذاته بالنسبة إلى مخلوقاته، ومخلوقاته لزمت عن ذاته، ولازم لازم الذات لازم الذات، فما لزمت عن غيره كما قيل.
ولو لزمت لما لزم المحال، وإلا فبأي حجة تلزم؟.
وهم فلم يوردوا على ذلك حجة، بل أوردوه كالبين بنفسه، وليس ببين، بل مردود وباطل على ما قيل.
وأما قوله: فيكون لغيره فيه تأثير، أما في وجوده ووجوب وجوده فلا، وأما في إضافته ونسبه، فأي أصول أبطلته ما بطل ولا يبطل، وإنما تمت المغالطة بلفظ التأثير حيث يتوهمه السامع متأثراً مستحيلاً، وليس العلم استحالة على ما علمت.