كلام محسني الألفاظ بالتخيلات من الخطب والمدائح، وإلا فما معنى: من جميع جهاته؟
فإن كونه مبدأ أولاً، بل كونه مبدأ مطلقاً يلزم فيه ما لزم في هذا، وهو أنه: إما أن يتقوم بكونه مبدأً أولاً، أو يكون ذلك عارضاً له، فلا يكون واجد الوجود من جميع جهاته، أي لا يكون واجب الوجود في كونه مبدأ أولاً لزيد وعمرو وغيرهما من الموجودات.
والذي ألزمنا البرهان أنه واجب الوجود بذاته، فأما هذا من جميع جهاته إن كان من جهات وجوده فذلك، وأما في إضافاته ومناسباته فلا، إذ بطل بما قيل.
قلت: وهذا الذي قاله أبو البركات رداً على ابن سينا قد صرح به ابن سينا في موضع آخر يناقض ما قاله هنا، فإنه قال في كتابه المسمى بـ الشفاء في مسألة العلم: ولا تبالي أن تكون ذاته مأخوذة مع إضافة ما ممكنة الوجود، فإنها من حيث هي علة لوجود زيد، ليست بواجبة الوجود، بل من حيث ذاتها.
وهذا يوافق ما قاله أبو البركات.