يكون؟ وكيف يتصور؟ لا أقول: كيف يقال؟ فإن القائل قد يقول ما لا يتصوره، لكن العالم لا يعلم ما لا يتصوره إثباتاً ولا نفياً.
فإن قيل: إن النقص ها هنا متصور بقياس ذاته، وهو أن لا يعقل كذا لولا كذا المعقول، أي لا يعقل لولا المعقول.
قلنا: إن الكمال الذي له ليس هو بأن يعقل كل موجود، بل كونه بحيث يعقل كل موجود، فإن كان المعقول موجوداً عقله، وإن فرض غير موجود، لزمه فرض أن لا يعقله، لا لأنه لا يعقله، أي لا يقدر على عقله، بل النقص من جانب العدم المفروض، فكماله وقدرته له بذاته، ويلزم عنهما ما له بالقياس إلى موجوداته، فما كمل بإيجاد مخلوقاته، بل وجدت مخلوقاته عن كماله.
وليس هذا القول في المبدأ الأول فقط، بل وفينا أيضاً، فإنا لسنا نكمل بكل معقول، بل إنما كمالنا بقدرتنا على أن نعقله وإنما نكمل بما نعقله بالفعل، حيث نعقل بالفعل معقولات أشرف منا، وذلك نوع آخر من الكمال، فإن العقل له بذاته الكمال، الذي هو قدرته على أن يعقل، وله بأن يعقل، وذلك أمر له من ذاته: عقل بالفعل أم لم يعقل.
وله كمال عرضي إضافي اكتسابي، بما يعقل معقولات هي أشرف