التأويل الذي لا يعلمه إلا الله.

وهذا هو النوع الثالث من العلم الذي ذكر ابن أبي موسى أن الله انفرد به.

وقد قال ابن عباس: (التفسير أربعة أوجه: تفسير تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله: من ادعى علمه فهو كاذب) .

وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبين أن لفظ التأويل لفظ مشترك بحسب الاصطلاحات: بين صرف اللفظ عن الأحتمال الراجح إلى المرجوح، وبين تفسير اللفظ وبيان معناه، وبين الحقيقة التي هي نفس ما هو عليه في الخارج، وأن التأويل بالمعنى الثاني كان السلف يعلمونه ويتكلمون به، وبالمعنى الثالث انفرد الله به، وأما بالمعنى الأول فهو كتحريفات الجهمية التي أنكرها السلف وذموها.

ومما احتج به هؤلاء: القدر، وأن العلم والإيمان يحصل للعبد بفضل الله ورحمته.

تابع كلام عبد الوهاب بن أبي الفرج المقدسي وتعليق ابن تيمية عليه

قال عبد الوهاب: (وأيضاً فإن الله قال في حق المؤمنين: {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان} ، فاعلم أن الإيمان من تفضله، وكتبه في القلوب.

فأي عمل للعقل بعد ذلك؟ وإنما العقل بمنزلة القارىء للمكتوب، فإن كان في القلب شيء مكتوب قرأه العقل، كالمسطور يدركه النظر.

وإذا لم يكن في القلوب شيء مكتوب لم يفد العقل فائدة) .

قال: (ثم نقول: هل نال الأنبياء النبوة بعقولهم؟ أم باصطفاء الله لهم وإرساله إليهم الملائكة؟ فإن قال: بعقولهم.

فقد أكذبه الله تعالى بقوله: {الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس} ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015