وقد ذكرنا في غير هذا الموضع أن الأدلة نوعان: أقيسة، وآيات.
فأما الأقيسة فلا تدل إلا على معنى كلي، لا تدل على معنى معين.
فإذا قيل: هذا محدث.
وكل محدث فله محدث قديم.
أو: كل ممكن فلا بد له من واجب، فإنما يدل على قديم واجب الوجود بنفسه، لا يدل على عينه، بل نفس تصور هذا لا يمنع من وقوع الشركة فيه.
فإذا قدر أنه عرف أنه واحد لا يقبل الشركة، فإنه لم تعرف عينه، فلا بد أن تعرف علينه بغير هذه الطريق، والايات تدل على عينه، لكن كون الآية دليلاً على عينه مشروطة بمعرفة عينه قبل، إذ لو لم تعرف عينه لم يعرف أن هذه الآية مستلزمة لها.
فعلم أنه في الفطرة معرفة بالخالق نفسه، بحيث يميز بينه وبين ما سواه، كما ذكره أبو محمد بن عبد وغيره، ولهذا كل من تطلب معرفته بالدليل، فلا بد أن يكون مشعوراً به قبل هذا، حتى يطلب الدليل عليه أو على بعض أحواله.
وأما ما لا تشعر به النفس بوجه فلا يكون مطلوباً لها.
وإذا كان مطلوباً لها فلا يمكن أن يستدل عليه بشيء، حتى يعلم أنه يلزم من تحقق