أن زيداً يدل على مسماه، حتى يعرف أولاً مسمى زيد، فلو استفيد مسمى زيد من زيد لزم الدور.
وهذا موجود في كل ما دل على معنى مفرد.
فما دل على الباري إنما تعرف دلالته عليه إذ عرف أنه مستلزم له، وذلك مشروط بمعرفة اللازم المدلول عليه، فلا يعرف أن هذا دليل على هذا المعين حتى يعرف المعنى والدليل، وأن الدليل مستلزم للمعين المدلول عليه، فلو استفيد معرفة المعين من الدليل لزم الدور، بل يكون ذلك المعين متصور قبل هذا، وتلك الأمور مستلزمة له، وآيات عليه، فكلما تصورت تصور المدلول عليه، فيكون كما قال: {تبصرة وذكرى لكل عبد منيب} ، تبصرة: إذا قدر أنه مس طيف من الشيطان فشككه فيما عرفه أولاً، فإذا رآى آياته المستلزمة لوجوده، كان ذلك تبصرة من ذلك اللطيف.
كما قال تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} ، وتكون تذكرة إذا حصل نسيان وغفلة تذكرة بالله، فهي تبصرة لما قد يعرض من الجهل، وتذكرة لما قد يحصل من غفلة، وإن كان أصل المعرفة فطرياً حصل في النفس بلا واسطة البتة.