خاطبنا به، ووقفنا عليه، ووفقنا له، ومن علينا به، وكتب في قلوبنا، واختصنا - ما عرفنا توحيده، ولا كيف نطيعه.
ولولا ما ظهرت من الآيات والمعجزات، التي أظهرها على أيدي الرسل، بحقائق معانيها التي يعجز الخلق عن الإتيان بمثلها، لم نعرف رسله.
ولولا زوائد الأعمال، وتصحيح الأحوال، والعلوم والفهوم والمعارف، وأسرار مقامات القوم، وحلاوة أذواقهم، والروائح الواردة إلينا منهم وعنهم - ما عرفنا ذوي المزيد.
وكل ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس، ولكن أكثر الناس لا يشكرون.
فلو شكر الكافر ما اضطره إليه من معرفة باريه بربوبيته، واعترف له بنعمه، وإخراجه من العدم إلى الوجود، ورأى الأفضال والنعم التي قد عم بها، وكمال صورته، وإدرار رزقه عليه - لأوصله شكره بمعرفة توحيده، فصدق رسوله، وحقق ما سلف من عهده، ورجع إلى ضرورته، واعترف بوحدانيته، فأبطل ما سواه، ولم ير إلهاً إلا إياه، ولكن لما جهل النعمة.
وزاغ عن العهد، ونكث في إقراره، وكذب السفراء - حرمه أكبر المنن، وأفضل النعم: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} ، فتركه مع هواه، فكان هلاكه في مناه، وإذا شكر المؤمن معرفة التوحيد التي من بها عليه، وشكرها قبول ماجاء به الرسول: قول، وعمل، وإخلاص نية، وإصابة سنة، ولزوم