وتكلم على هذه الآية، وعلى قوله: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} ، بما يناسب ذلك، إلى أن قال: (قال سبحانه: {ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء} .
وقال سبحانه: {ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل} .
وقال: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا} ، مثلا لمن عبد غيره، إذ ضرب العبد مثلاً لمن عبد من دونه، لأنه ذليل عاجز مفتقر مدبر مملوك، لا يقدر على شيء: لا نفعا ولا ضراً، ولا خلقاً ولا أمراً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً.
ومن رزقناه: جعله مثلا يستدل به على توحيده وكمال ربوبيته، لأنه الواسع الجواد القادر الرازق للعباد سراً وجهراً، فضرب الله سبحانه لهم الأمثال ليوبخهم ويريهم عجزهم فيما أضافوا إليه من الشركاء، مع إقرارهم بمعرفة ربوبيته تعالى الله عما يشركون، فعز من لمن يشارك في قدرته، وجل من لم يرام في وحدانيته، وتعظم من تفرد بالربوبية، فجل أن يكون له شريك في خلقه) .
إلى أن قال: (فخلقهم على الفطرة، وبعث إليهم السفراء، وعلمهم العلم، وركب فيهم العقل بالفكر.
فبالفطرة عرفوه، وبالواسائل عبدوه، فلولا الله سبحانه ما عرفناه من طريق ربوبيته، ولولا إرسال الرسول مع ما