وأما قول النافي: (ولأن العالم كرة، فلا فوق إلا وهو تحت بالنسبة) .

فيقال له: هذا خطأ، لما تقدم من أن المحيط باتفاق العقلاء عال على المركز، وأن العقلاء متفقون على أن الشمس والقمر والكواكب، إذا كانت في السماء، فلا تكون إلا فوق الأرض، وكذلك السحاب والطير في الهواء.

وأيضاً فإن هذا التحت أمر خيالي وهمي لا حقيقة له، وليس فيه نقص، كالمعلق برجليه لا تكون السماء تحته إلا في الوهم الفاسد، والخيال الباطل، وكذلك النملة الماشية تحت السقف.

فالشمس والقمر والنجوم السابحة في أفلاكها، لا تكون بالليل تحتنا إلا في الوهم والخيال الفاسد.

وأيضاً فإنه مع كونه كرياً لا يمتنع أن نختص إحدى جهتيه بوصف اختصاص، ألا ترى أن الأرض مع قولهم، إنها كرية، فإن هذه الجهة التي عليها الحيوان والنبات والمعدن، أشرف من الجهة التي غمرها الماء؟ وإذا كانت هذه الجهة أشرف جهتي الأرض، لم يمتنع أن يكون ما يحاذيها أشرف مما يحاذي الجهة الأخرى، فما كان فوق الأفلاك من هذه الجهة أشرف مما يكون من تلك الجهة الأخرى.

ومما يوضح ذلك أن مقتضى طبيعة الماء والتراب عند من يعتبر ذلك، أن يكون الماء قد غمر الأرض كلها من هذه الناحية، كما غمرها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015