وقال: لا أسلم أنه قائم بنفسه إلا بمعنى أنه غني عن المحل، فجعل قيامه بنفسه وصفاً عدمياً لا ثبوتياً، وهذا لازم لسائرهم.

ومعلوم أن كون الشيء قائماً بنفسه أبلغ من كونه قائماً بغيره، فإذا كان العرض القائم بغيره يمتنع أن يكون عدمياً، فقيام الجسم بنفسه أبلغ في الامتناع، وإذا كان المخلوق قائماً بنفسه، فمعلوم أن هذه صفة كمال تميز بها الجسم عن العرض، فخالق الجميع كيف لا يتصف إلا بهذه الصفة الكمالية.

بل لا يكون قائماً بنفسه ولا بغيره إلا بمعنى عدمي، فيكون المخلوق مختصاً بصفة موجودة كمالية، والخالق لا يتصف إلا بالأمر العدمي، فيكون المخلوق متصفاً بصفة كمال وجودية، والخالق مختصاً بالأمر العدمي، والعدم لا يكون قط صفة كمال إلا إذا تضمن أمراً وجودياً، فما ليس بوجود ولا كمال في الوجود فليس بكمال، فإن لم يكن القيام بالنفس متضمناً لأمر وجودي، بل لا معنى له إلا العدم المحض، لم يكن صفة كمال، وعدم افتقاره إلى الغير أمر عدمي، والعدمي إن لم يتضمن صفة ثبوتية لم يكن صفة كمال، والعدم المحض لا يفتقر إلى محل، وكل صفة لا يشاركه فيها المعدوم لم تكن صفة كمال.

وأما الصنف الثاني فهم يوافقونك على أن صانع العالم ليس بمركب من الجواهر المفردة، ولا من المادة والصورة، فليس هو بجسم.

وحينئذ فقولك: إن اختصاص الجسم بالحيز والجهة، قد يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015