الثالث: أن نبين أن المعقول الصريح يوافق ما جاءت به الرسل لا يناقضه، إما بأن ذلك معلوم بضرورة العقل، وإما بأنه معلوم بنظره، وهذا أقطع لحجة المنازع مطلقاً، سواء كان في ريب من الإيمان بالرسول، وبأنه أخبر بذلك، أو لم يكن كذلك، فإن هؤلاء المعارضين منهم خلق كثير في قلوبهم ريب في نفس الإيمان بالرسالة، وفيهم من في قلبه ريب في كون الرسول أخبر بهذا.
وهؤلاء الذين تكلمنا على قانونهم والذين قدموا فيه عقلياتهم على كلام الله ورسوله، عادتهم يذكرون ذلك في مسائل العلو لله ونحوها، فإن النصوص التي في الكتاب والسنة بإثبات علو الله على خلقه كثيرة منتشرة، قد بهرتهم بكثرتها وقوتها، ولي سمعهم في نفي ذلك لا آية من كتاب الله، ولا حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا قول أحد من سلف الأمة، إلا أن يرووا في ذلك ما يعلم أنه كذب، كحديث عوسجة وأمثاله، وإما أن يحتجوا بما يعلم أنه لا دلالة له على مطلوبهم، كاستدلالهم بأنه أحد، والأحد لا يكون فوق العرش،