ومنها أنّ الفعل الواحد لا يكون مأمورًا به، منهيًّا عنه من جهةٍ واحدةٍ، إِلاّ على تكليف المحال. أمّا من جهتين، فلا يمتنع؛ كالصلاة في الدار المغصوبة، على قولٍ.
ومنها تكليف الصبيّ والمجنون، لا يجوز إِلاّ على تكليف المحال. ويكون تكليفُهما أمارةً على ما يريد الله بهما، لسابقِ علمِه فيهما. ومَن صحّح خطابَ المعدوم، على ما سيأتي تفسيرُه، فخطاب هذين أولى.
قد أوقَع الحنيفّةُ طلاقَ المكرَهِ، مع أنّه غيرُ مختارٍ، جَعلًا للتلفّظ به أمارةً على وقوعه، مِن باب ربط الحكم بالسبب. وصحّح بعضُ الشافعيّة حجَّ المجنون؛ وهو قياسّ تصحيحِ حجِّ الصبيِّ إِذا حُجَّ بهما.
ومنها أنّ المكَره إِذا بَلَغَ حدَّ الإلجاء- وهو أن يجب منه الفعلُ، ولا يتمكّن من الامتناع منه- لا يجوز تكليفُه إِلاّ على تكليف المحال. واختُلِف فيه إِذا لم يبلُغ حدَّ الإِلجاءِ. لا يجوز تكليفُه إِلاّ على تكليف المحال. واختُلِف فيه إِذا لم يبلُغ حدَّ الإلجاءِ, أمّا المخطئ والساهي والناسي، فقد لحقهم بعضُ التكليف في بعض الصور. والأَولى أنّ التكليف إِنما يَلحقهم من باب ربطِ الحكم بالسبب؛ لأنّ العقوبات والآثام موضوعةٌ عمّن لم يَتعمّد المعاصي. وأمّا الغرامات واستدراكات البعبادات ونحوها، فسلبيّ، كما قلنا؛ لأنه من باب العدل، لا من باب التكليف.
ومنها أنّ الحائض مكلّفةٌ بالصوم، بتقدير الطهي. كالمحدِث مكلَّفٌ بالصلاة، بتقدير الوضوء. والكافر مخاطَبٌ بأداء الفروع، بشرطِ الإسلام. والمعدوم مخاطَبٌ، بتقدير الوجود. أمّا تكليفها بالصوم شرعًا حالَ الحيض، فهو خارجٌ على تكليف المحال.
ومنها أنّ التكليف بِفعلٍ عَلِمَ الآمر انتفاءَ شرطِ وقوعه دون المأمور، ممتنعٌ عندهم. إِذ هو تكليفٌ بالمحال. وصورة المسألة ما إِذا أَمَرَه بصوم رمضان، وهو يعلم موتَه في شعبان؛ أو حيض المرأة المأمورة به؛ أو نفاسها طولَ رمضان.