وعن أنسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر أن يقول: "يا مُقَلِّبِ القلوبِ، ثِّبت قلبي على دينك". فقلتُ: "يا رسول الله. آمنَّا بك، وبما جئتَ به. فهل تخافُ علينا؟ " قال: "نعم. إِنّ القلوب بين أُصبعين من أصابعِ الله، يُقَلَّبها كيف شاء". رواه الترمذيّ، وقال: "حديثٌ شريفٌ".
ولمسلمٍ معناه، من حديث عبد الله بن عمرو؛ وقال: "بين أصابع الرحمن، كقلبٍ واحد". وقال: "صرف قلوبَنا إِلى طاعتك"
ومعنى هذا الحديث أنّ الله يصرِّف القلوبَ بقدرته كما يصرِّف الرجلُ العصا أو نحوها بين أصابعه. وهذا هو الذي نعنيه "بخلق الأفعال"؛ وهو أنّ الله سبحانه إِذا أراد من العبد طاعةً أو معصيةً، صرَّف قلبه إِليها، وقيّض له أسبابها ودواعيها؛ فوقَعت منه لا محالة.
وعن ابن عبّاسٍ، قال: كنتُ خلفَ النبي صلى الله عليه وسلم يومًا. فقال: "يا غلام. إِني أعلَّمك كلماتٍ: احفظ اللهَ يحفظك. احفظ اللهَ تجده تُجاهَك. إِذا سألتَ، فاسأل اللهَ. وإِذا استعَنتَ، فاستعِن باللهِ. واعلم أنّ الأمّة لو اجتمعَت على أن ينفعوك بشيءٍ، لم ينفعوك إِلاّ بشيءٍ قد كتبَه اللهُ لك. ولو اجتمعوا على أن يضرّوك، لم يضرّوك إِلاّ بشيءٍ، كتبه اللهُ عليك. رُفعَت الأقلامُ، وجَفَّت الصحفُ". صحّحه الترمذيّ.
وعن ابن مسعودٍ، قال: حدّثنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادِقُ المصدَّق: "إِنَ أحدَكم يُجمَع خَلقُه في بطنِ أمِّه أربعين يومًا. ثمّ يكون عَلَقَة مثلَ ذلك. ثمّ يكون مُضغةً مثلَ ذلك. ثمّ يُرسِل اللهُ إِليه الملَكَ، فينَفُخ فيه الروحَ. ويؤمر بأربعٍ: يكَتبِ رزِقه وأجلِه وعملِه وشقيٌّ أو سعيدٌ. فوالذي لا إِله غيره، إِنّ أحدَكم ليَعمل بعملِ أهل الجنّة، حتى ما يكون بينها وبينه إِلاّ ذراعٌ؛ ثمّ يَسبِق عليه الكتابُ؛ فيُختم له بعمل أهل النار، فيدخلّها. وإِنّ أحدَكم ليعمل بعملِ أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إِلاّ ذراعٌ؛ ثمّ يَسبِق عليه الكتابُ؛ فيُختم له بعمل أهل الجنّة، فيدخلها". أخرجها في الصحيحين؛