الشقاء، فإِنّه يَعمَل للشقاء". رواه الترمذي وصحّحه.

قلتُ: وحاصل هذه الأحاديث أنّ الله سبحانه جعل في علمه الأزلي استحقاقَ الثواب والعقاب جاريًا على أعمل البرَ والفجور جريانَ السبباتِ على أسبابها؛ والسبب معرفٌ لا يؤثَّر. وهذا يؤكد ما قررَناه مِن قبلِ مِن حُكمِ اللهِ في خلقِه بعلمِه في نفس الأمر.

[8] وبالإِسناد، قال أحمد: ثنا هاشم بن القاسم، قال: ثنا ليثُ، قال: حدّثني، قال: حدّثني أبو قَبيلٍ المعافِريّ، عن شُفي الأصبَحي، عن عبد الله بن عمروٍ، قال: خرج علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وفي يده كتابات. فقال: "أتدرون ما هذان الكتابان؟ " قلنا: "لا إِلاّ أن تخبرنا، يا رسول الله" فقال للذي في يده اليمنى: هذا كتابٌ مِن ربّ العالمين تبارك وتعالى؛ فيه أسماءُ أهلِ الجنةِ وأسماءُ آبائهم وقبائلهم. ثمّ أُجمِلَ على آخِرهم، لا يَزداد فيهم ولا يُنقص منهم أبدا. ثم قال للذي في يساره: "هذا كتاب أهلِ النار، بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم. ثمّ أُجمِلَ على آخرهم، لا يزاد فيهم ولا يُنقَص منهم أبدًا". فقال أصحابُ رسولِ الله صلة الله عليه وسلم: "فلأيّ شيءٍ نَعمَل، إِن كان هذا أمرًا قد فُرِغ منه؟ " قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: "سَددوا وقاربوا. فإِنّ صاحب الجنّة يُختَم له بعمل الجنّة، وإِن عَمِلَ أى عملٍ. وإِنّ صاحب النارُ يُختَم له بعمل النار، وإِن عَمِلَ أى عملِ". ثمّ قال بيده، فقبضَها. ثمّ قال: "فَرَغَ ربُّكم من العباد". ثمّ قال باليمنى، فنبذ بها، فقال: "فريقٌ في الجنّة"، ونبذ باليسرى، وقال: "فريقٌ في السعير". وأخرجه النسائيّ والترمذيّ، وقال: "حَسنٌ صحيحً غريبٌ".

[9] وبه، قال أحمد، ثنا الحسن بن سَوارٍ، ثنا ليثُ بن سعدٍ، عن معاوية، عن راشد ابن سعدٍ، عن عبد الرحمن بن قتادة، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنّ الله عزّ وجلّ خَلَقَ آدم، ثمّ أَخذ الخلقَ من ظهرِه؛ فقال: "هؤلاء في الجنّة، ولا أُبالي؛ وهؤلاء في النار، ولا أُبالي". فقال قائلٌ: "يا رسول الله. فعلى ما نعمل؟ " قال: "على مَواقع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015