فمنها قوله تعالى، حكايةً عن المسيح: {وجعلنى مباركا أين ما كنت}، إِلى قوله، {ولم يجعلنى جبارا شقيا}. فدلّ على أنّ كلّ مَن كان جبّارًا شقيًّا، فإِنّ الله جَعَلَه كذلك وهذا ممّا لا يحتمِل تأويلًا. إِلاّ إِن يقال: "خذَلَه، فتَجبَّر"؛ وهو جُعلِ بالتسبُّب؛ فلا فرق.
ومنها قوله تعالى: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا}. وهو إِضلالٌ بالتسبّب.
سورة طه لم نعدّ فيها من أدلّة الإِثبات شيئًا. وكذلك سورة الأنبياء.
فمنها قوله تعالى: {وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدى من يريد}. وقد سبق نظيرها.
ومنها قوله تعالى: {وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد}. فبَنَى الفعلَ لما لم يُسمِّ فاعلَه. فدَلّ على أنّ الفعل للهداية فيهم غيرهم. وليس إِلاّ الله سبحانه. فالضلال كذلك؛ لأنهما سواءٌ عند الخصم.
ومنها قوله سبحانه: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فنفسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته}. ثمّ قال: {ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم}. وكان إِلقاء الشيطان أنّه شَبه صوتّه بصوت رسول الله، وهو يَتلُو سورةَ النجم. حتى وصل إِلى قوله، {ومناة الثالثة الأخرى}، أَلقى الشيطانُ، "تلك الغرانيقُ العُلَى إِنّ شفاعتهم لتُرتَجى". فافَتتنت قريشٌ بذلك، وقالوا: