فما لم تكن الطريق إلى حرميها ومناسكها آمنة فإنها تكون وصمة عار في جبين المهيمنين على الطريق ووصمة عار في جبين كل مؤمن لا يسعى جهده في تأمينها وتيسير السبيل.

واتفق شيوخ المذهب ورجال الدولة أن تفرض على الفور أحكام الشريعة وتنفذ على اللصوص وقطاع الطريق، ونظر في أمر القبائل التي تفعله، فإن كان ما تفعله عن حاجة عوضت عن حاجتها من بيت المال بعد أن تؤخذ عليها العهود والمواثيق بأن لا تعود إلى فعله، وإن كانت تفعله عن هوى السرقة وحب الأذى فإن أحكام الشرع التي فرضت القطع كفيلة بأن تقضي على السراق واللصوص وتؤمن الطريق.

وكان هذا فرضا فرضه الإمام والأمير معه على كل من أصبحوا تحت سلطانهم من أعراب نجد أو الحجاز، ومن أي قبيلة في الأطراف لهم عليها سلطان أو بينهم وبينها حلف وعهود.

وسرعان ما قضت هذه السياسة على الفوضى والسرقة، ودخلت القلوب في الصدور، وسار الحاج آمنا في الجزيرة العربية وفي أي ناحية منها بادية أو حضرا. فلا يعترضه معترض بأذى، حتى المرأة كانت تسير في أمان في الأسواق وفي البرية وتحمل من حليها ما تشاء نهارا أو ليلا فلا يتعرض لها إنسان1.

ولقد بين رسول الله لعدي بن حاتم فرق ما بين الجاهلية والإسلام في أمن الجزيرة بعد تسعيرها فقال له في بعض حديث له: "يا عدي، هل رأيت الحيرة؟ قال: لم أرها وقد أنبئت عنها. قال: فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله. فقال عدي في نفسه: فأين دُعَّارُ طيء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015