بلادهم ومستقبل أيامهم، وذلك حين يصير أميرهم ملك الأمة وحصن المسلمين1.

وقد أصبح على جلساء الأمير شروط لم تكن هي أيضا بدعة محمد بن عبد الوهاب أو بدعة الأمير، وإنما كانت الشروط التي اشترطها عمر بن عبد العزيز على جلسائه ورآها لخير الوالي ولخير الناس وخير الجلساء أنفسهم، إذ الأمير هو ولي العدل، وولي العدل مشغول عن سوى ما يصلحه ويصلح الرعية. وقد روى الأوزاعي أن " عمر قال لجلسائه: من صحبني منكم فليصحبني بخمس خصال: يدلني من العدل إلى ما لا أهتدي إليه. ويكون لي على الخير عونا. ويبلغني حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ولا يغتاب عندي أحدا. ويؤدي الأمانة التي حملها بيني وبين الناس. فإذا كان ذلك فحيهلا، وإلا فقد خرج من صحبتي والدخول علي "2.

ونفذ الأوزاعي هذه النصيحة فلم يصحب واليا إلا على شرط عمر، ولم يجد بدا من التزامها. ولقد كان أحيان يتردد في أن ينصح أو يصرح بالنصح، ولكنه كان يدفع عنه هذا التردد حين يتمثل وقوفه بين يدي الله فيسأله عن صحبة الولاة. ولذا فقد قال للمنصور: يا أمير المؤمنين، مهلا فإن مثلك لا ينبغي أن ينام. وإنما جعلت الأنبياء وعاظا لعلمهم بالرعية، يجبرون الكسير ويسمنون الهزيلة ويردون الضالة. وإن الله ـ عزّ وجلّ ـ أوحى إلى داود -عليه السلام- فقال: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [صّ من الآية: 26] . وقيل إنه أوحى إليه: يا داود،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015