لو بقي، وكيف ونحن ضيوف الله وهو جار بيته! وإننا سندخل البلدة بعد الوقوف بعرفات1.
ووقف سعود ونائب الشريف وأهل مكة مع الناس على عرفات في يوم التاسع. فأما أهل مكة فقد أقبل كثير منهم يعاهدون سعودا. وأما النائب فأخذ للشريف الأمان.. وأما سعود فمضى بعد الإفاضة من عرفات إلى مكة يطوف بالبيت ويؤدي المناسك. وبقي فيها كل أيام التشريق.
ورأى سعود كثرة ما بمكة من فقير فمد إليهم يد معونته وسد حاجاتهم، ثم مضى إلى المدينة تاركا للشريف كتابا يقول له فيه:
إن هذه مكة، وأنت صاحبها، وقد عملنا فيها ما هو الحق. وإن شئت -حسبما أخبرنا وليك الذي جعلته مكانك- فأرسل إلينا من نأخذ العهد عليه ويأخذ العهد علينا نائبا عنك.
ورد شريف مكة يد الرجل العظيم وسماحته وخاشنه قائلا: ليس بيني وبينك عهد ولا صداقة. فإن سلمت لي جميع البلاد التي أخذتها من ملك الحجاز عاهدتك، وإلا فلا، واصنع ما بدا لك.
ووصل رد الشريف وسعود على باب المدينة عند الثنية يريد دخولها. وكأنما عرف أهل المدينة برد الشريف فتألبوا على سعود ووقفوا لرده ونكثوا عهده وكانوا قد عاهدوه على نصرته قبل عامه هذا بثلاث سنوات، فحمل عليهم سعود حملة قاسية استمرت خمسة وعشرين يوما ثم دخل المدينة فاستباح دماء الناكثين2.
وكان نكث أهل المدينة سببا في عنف سعود فاستنقذ منهم أموال المسجد والتحف والقناديل والجواهر، وهدم قباب البقيع وأحد، وولى