المتفرقة المتحاربة تحت قيادة واحدة ومذهب ذي حدود من الشريعة الغراء، واستطاع مقاتل باسل هو محمد بن سعود أن يقضي على مقاومة شيوخ العروض والأحساء ويصل بفرسان التوحيد إلى حدود الحجاز وإلى صحارى الشام وأطراف العراق مبلغين الأعراب الضاربين في تلك الصحارى والأطراف أن جزيرة العرب قد استيقظت من النوم1 فعليهم هم أيضا أن يستيقظوا.
وكثيرا ما رمي العرب بأنهم أهل فرقة واختلاف ولم تزل فيهم طباع القبلية الجاهلية وهم إذا اجتمعوا لا يلبثون أن يتفرقوا ويختلفوا. وجاء الموحدون حجة تبطل هذه الدعوى، إذ الأمة التي لم تزل قبائل في مساكن جافة متباعدة وطباع قاسية جافية تقبل على الوحدة وتتوحد وتطيع الوعظ حينا وتخضع للقوة حينا، بينما الأمصار التي ترفل في المدنية، تخضع منها أقطار واسعة تحت حكم مدني موحد، تظل قلقة متفرقة تعشق التميع باسم الحرية، وقلوب سكانها متفرقة بعدد البيوت والأفراد.
وظهرت العداوة الحقة والخصومة المريرة من الأنظمة المدنية القائمة في تركيا وولاياتها، وتهيبت السلطة السياسية لآل عثمان وعيا دينيا لو اعتنقته لكان شفاء للرجل المريض الذي كان يطلق لقبا عليها، ولكنها حاربت هذا الوعي وسلطت عليه من فورها ولاة البصرة وبغداد وجدة ومصر والشام، وحضت أشراف مكة أن لا يألوا جهدا في استئصال ما دعوه بالإلحاد الخطر، وفي ضرورة المحافظة على الحرمين الشريفين لما سيكون من امتلاك الوهابية لهما من النفوذ البعيد المدى2.
وثارت ثائرة الصوفية وأرباب الطرق وأهل الفلسفة والكلام والمناصب فأوغروا الصدور وصوروا الدعوة خطرا داهما على الدولة والفكر وبدعة في الإسلام.