والأمل الذي تحقق من دعوة التوحيد في داخل الجزيرة ما لبث أن امتد واستعرض فلم يقتصر عليها بل عبروا إلى معظم أقطار المسلمين في الشرق وفي الغرب، وكان موسم الحج في إبان الدعوة وبعدها سوقا رائجة لعرض الدعوة على حجاج الآفاق فإذا عادوا إلى بلادهم دعوا الناس إليها.
وبرغم ما دس على الدعوة من التشويه فقد صارت الأيام تفصح عن حقيقتها بأنها إنما قامت لرتق الفتوق ونسخ الشبهات وإبطال الأوهام1.
وبهذه القوة المدخرة فيها والمنبثقة عنها أمكنها أن تشعل ثورات أخرى للإصلاح في معظم البقاع.
ففي جبهات الشرق قامت دعوة شريعة الله وسيد أحمد في بنجاب الهند ضد المغول والسيخ والبريطانيين، وكان هذا الزعيم الأخير قد أتى موسم الحج في سنة 1822 م وسمع صوت الدعوة فاستجاب له وعاد إلى بلاده حربا عوانا على البدع والخرافات والتقليد، وأنشأ في البنجاب شبه دولة وهابية لم تنقرض حتى تعرض لها الإنجليز فأخضعوها بعد جهد جهيد، ثم استمرت الدعوة في الذين سموا أنفسهم أهل الحديث، والذين ساهم أعداؤهم هناك بالوهابيين لتشابه الدعوتين2. كما امتد نفوذ الحركة الوهابية إلى قلب سومطرة3.
وفي باكستان قامت حركة (إقبال) التي دعا فيها إلى الإصلاح والتجديد والسير في ركاب العلم من غير خروج عن إطار الدين، بل الدين يحوي في داخله كل ما يحث على العلم ويحض على تحصيله والتوسع فيه. ولم تتعرض دعوة محمد بن عبد الوهاب إلا للبدع والأوهام التي شغلت الناس عن العلم وأبعدتهم من الحقائق. ومحمد إقبال وإن كان في تفاصيل دعوته