وما جاء الداعي للإصلاح بشيء من عنده، بل جاء بما عند المسلمين، وكان يكتفي في الباب بقليل من السطور ليس فيها كلمة ولا حرف من عنده، وإنما هي آيات أو كلمات من جوامع كلم رسول الله. فلم يكن في استطاعة إمام في الدين أو طالب يشدو في أول طلب العلم أن يرد شيئا مما قال.

ولم تكد تخمد جذوة الحرب الوهابية حتى عادت الجزيرة العربية إلى التجمع والتوحد تحت راية السعودية الثانية، ولولا أن فيصلا الإمام وادع الأتراك واعترف بسيادتهم الاسمية ليتقي شرهم لوثب إلى الحجاز أو وثب إليه الحجاز.

وقد ظهر أن الجيوش الغازية حين أثرت في الجزيرة العربية ونجد والدرعية بالإهلاك والتدمير -لم تستطع أن تجتث جذور الإصلاح ولا أن تذود القبائل عن اعتناق الحق والالتفاف حول آل الشيخ وآل سعود، بل ولا أن تعوق انتشار الحق عن عبور الجزيرة إلى أقصى المشارق وأقصى المغارب.

وبرغم كل التدابير الإرهابية فإن الجزيرة العربية أصبحت صدرا رحيبا للمضطهدين كما انقلب المغلوبون إلى قوة سياسية عاتية كونت دولة اشتركت في إقامتها القبائل التي وقع فيها القتل والإرهاب، وكان الاضطهاد كالأساس الوطيد الذي بنيت عليه شاهقات الحصون.

ثم كانت آثار العنف في هذه الحروب داعية -في الداخل- إلى الاعتدال في تطبيق المذهب -فيما بعد- تطبيقا رفيقا دون تضييع لحدود الله أو تشويه لخالص التوحيد.

كما كانت داعية -في الخارج- إلى التقرب من الدولة التي جاءت لإصلاح الدين ونصرة المؤمنين.

وعاد التجمع والتوحد سيرته الأولى بعد التفرق الذي حدث فيما بين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015