والنووي في عصر المماليك وأول حكم العثمانيين1 -وصار لمن يتولى القضاء أو الإفتاء منهم مكان مرموق. أما آل الشيخ جميعا فقد صار إجلالهم في النفوس إجلال الهداة المرشدين.

واقترن اسم آل الشيخ وآل سعود بعقيدة التوحيد وأعمال التطهير فأطلق عليهم اسم الموحدين واسم المطهرين ولقبوا بأهل السنة وأهل الحديث، وكان جديرا بأن يطلق عليهم أيضا أهل القرآن.

وكان الحماس للمذهب في إقليم العارض باليمامة أشد ظهورا منه في أي جهة من جهات الجزيرة2. وذلك لأمرين متضادين: الأول أنهم كانوا أول من عارض المصلح فعوضوا التأخر في الاتباع بالحماس، والثاني أن الداعية المصلح كان منهم فهو حماس الاعتزاز بالقريب ينهض للحق وينهض أهله معه، وكان حماسا مشكورا لأنه للإسلام الذي يدين به من قديم أهل هذا الحماس.

وهذان الأمران كلاهما لسبب قريب، وربما كان هناك سبب خفي بعيد، ربما كان أثره باقي الوراثة في هذا الإقليم: فاليمامة كانت بلد يحيى بن أبي كثير الذي كان في الطبقة الرابعة من علماء الرواية، ولحق به عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي وسمع منه الحديث وأعجب بزهده وتحزنه وعلمه.

ويحيى هذا مات في آخر الأموية أيام مروان بن محمد آخر خلفائها3. وكان العلم والفقه في أيامه قد انتشر في البادية فأينعت منه واخضرت، وصارت فيها مدارس الحديث ومقاصده، ولم ينحصر في المدن التي تكثر فيها الغاشية من العلماء والطلاب وجمهور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015