فيقول سبحانه: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65] . أما من أشركوا بعد أن آمنوا فقد صارت دعوتهم لشركائهم في الشدة والرخاء والسراء والضراء.

وحتى لا يستطرد الكتاب فيخرج عن مدار فلكه الذي رسم له من إظهار سيرة الإمام محمد بن عبد الوهاب ومذهبه وأثره في قيام دول دينية أقواها وأبقاها السعودية الثالثة الأخيرة، فقد رأينا أن نحيد عن التوسع والإطالة في الأسماء والأمكنة ومواقع الحروب وتفاصيلها وكثير من أمور السياسة والمواثيق والمعاهدات التي تكفلت بنشرها كتب كثيرة، ورأينا أن نقصر البحث فيما نحن بسبيله على سيرة الإمام المصلح وسيرة مذهبه -قدر المستطاع- حتى لا يضل المراد في ثنايا أمور أخرى تغلبت في أحيان خيلت للمطلع أن الوهابية صارت أمراً ثانوياً، وربما كان لها أن تتغلب حتى ولو لم تكن الوهابية قد أعانها قوم وحاربها آخرون من العرب المتخاصمين.

وقد تسنى أن يكون هذا الكتاب من ستة أبواب: الباب الأول كالمقدمة الثانية أو المدخل إلى عصر ابن عبد الوهاب. والباب الثاني في داعية الإصلاح. والثالث في بيان الدعوة. والرابع في مسيرتها. والخامس في أنظمتها. والسادس في نتائجها التي انتهت بالفوز وقيام دولة التوحيد.

وكل باب من هذه الأبواب يحوي خمسة فصول تتناسب وتتقارب فيه، وتتبين عنواناتها وما تحويه في أثناء الكتاب.

ولما كان من الحق أن ينسب الفضل إلى أهله فإن الشيخ الجليل وزير التعليم العالي بالمملكة السعودية الشيخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015