والحروب التي شنت على الوهابية بالسلاح والنار لم تكن بأقسى من التهم التي اصطلت بنارها من الألسنة والكلمات، فقد اتهمت بأنها تحط من قدر النبوة وتنَزل من أقدار الأولياء، واتهم الوهابيون -ظلماً- بأنهم حرفوا اسم النبي بحذف ميمه الوسطى، وأشيع في بعض البلدان أنهم هدموا الكعبة بدعوى أنها حجر، كما نسبوا إليهم أنهم يحكمون بكفر كل من عداهم من المسلمين.

وكل ذلك بهتان وزور، وقد شهدت بأنه إفك -قبل كل شاهد- كتب محمد ابن عبد الوهاب ورسائله، وأهم هذه الكتب (كتاب التوحيد) الذي شرحه حفيده عبد الرحمن بن حسن ابن الإمام وسماه (فتح المجيد) ثم رسالة كشف الشبهات وثلاثة الأصول وأدلتها، وشروط الصلاة، وأربع القواعد، ورسالة المغربي. وقد طبعت هذه كلها ونشرت في القاهرة التي سخرت برغم مشيئتها في محاربة الوهابيين فكانت شهادة صدق من أهلها لدعوة التوحيد.

وتصدت الدعوة لكل المظاهر التي تسيء إلى الإسلام وجوهره النقي الطاهر، ولكل ما دخل على أفكاره من غريب دخيل.

واتهام الداعي بأنه اعتبر كل من لم يأخذ بتعاليمه كافراً مشركاً بالله ضرب من التخليط. بل إن ابن عبد الوهاب بين طريق الشرك الأكبر وطرائق الشرك الأصغر، واستمد كل أدلته من نصوص القرآن والحديث الصحيح، وفي هذه النصوص قول الله سبحانه: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُون} [يوسف من الآية106] ، فلم يفصل الحق سبحانه الشرك بعد الإيمان عن الشرك الذي كان قبله إذا دخل علي التوحيد ما يجعله كدراً مدخولاً.

بل إن من المشركين قبل الإيمان من كانوا يشركون في الرخاء ويخلصون التوحيد في الشدة ويلجؤون إلى الله وحده فيها، ويشهد القرآن لهم بذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015