من عبد الله (?).

ثمّ إن عبد الله بن الزبير قال لعبد الله بن سعد: إنَّ أمرنا يطول مع هؤلاء وهم في أمداد متصلة وبلاد هي لهم، ونحن منقطعون عن المسلمين وبلادهم، وقد رأيت أن نترك غدًا جماعة صالحة من أبطال المسلمين في خيامهم متأهَّبين، ونقاتل نحن الروُّم في باطن العسكر إلى أن يضجروا ويملُّوا، فإذا رجعوا إلى خيامهم ورجع المسلمون، ركب من كان في الخيام من المسلمين ولم يشهدوا القتال، وهم مستريحون، ونقصدهم على غرّة؛ فلعلَّ الله أن ينصرنا عليهم، فأحضر جماعة من أعيان الصّحابة، واستشارهم، فوافقوه على ذلك، فلمَّا كان الغد، فعل عبد الله ما اتفقوا عليه، وأقام جميع شُجعان المسلمين في خيامهم، وخيولهم عندهم مُسَرَّجة، ومضى الباقون، فقاتلوا الروّم إلى الظهر قتالاً شديدًا، فلما أذّن بالظهر همَّ الروم بالانصراف على العادة فلم يمكنهم ابن الزُّبير، وألح عليهم بالقتال، حتى أتعبهم، ثم عاد عنهم هو والمسلمون، فكل من الطائفتين ألقى سلاحه، ووقع تعبًا، فعند ذلك أخذ عبد الله بن الزبير من كان مستريحًا من شجعان المسلمين، وقصد الروّم، فلم يشعروا بهم حتى خالطوهم، وحملوا حملة رجل واحد وكبَّروا، فلم يتمكن الروّم من ليس سلاحهم حتى غشيهم المسلمون، وقتل جرجير؛ قتله ابن الزبير، وانهزم الروّم، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وأخذت ابنة الملك جرجير سبية، ونزل عبد الله ابن سعد المدينة، وحاصرها حتى فتحها، ورأى فيها من الأموال ما لم يكن في غيرها، فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار، وسهم الرَّاجل ألف دينار، ولما فتح مدينة سبيطلة، بثَّ جيوشه في البلاد فبلغت قفصة، فسبوا، وغنموا وسيَّر عسكرًا إلى حصن الأجم، وقد احتمى به أهل تلك البلاد، فحصره، وفتحه بالأمان، فصالحه أهل إفريقية، ونفّل عبد الله بن الزبير ابنة الملك، وأرسله ابن سعد إلى عثمان بالبشارة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015