عن شجاعته أكثر بإذن الله في حصار الحجاج له بمكة. وكان يقول: والله إني لا أبالي إذا وجدت ثلاثمائة يصبرون صبري لو أجلب علىَّ أهل الأرض (?)، وكان يُضرب بشجاعته المثل (?)، وكان ابن الزبير متأثرًا بشجاعة أبيه وإقدامه وشجاعة جده الصديق، وأمه وأخواله وعلى رأسهم عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق.
4 - فصاحته وخطابته: كان ابن الزبير - رضي الله عنه - لا ينازع، وكان من خطباء قريش المعدودين، وكان إذا خطب يشبه بجده أبى بكر الصديق - رضي الله عنه - في حركاته وإشاراته ونبرات صوته، وكان صيتًا إذا خطب، ويروى أن المسلمين عندما انتصروا على البربر فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا وغنموا أموالاً وغنائم كثيرة جدًا، بعث ابن أبى سرح بالبشارة مع ابن الزبير إلى عثمان فقص على عثمان الخبر وكيف جرى، فقال له عثمان: إن استطعت أن تؤدي هذا للناس فوق المنبر، قال: نعم، فصعد ابن الزبير فوق المنبر فخطب وذكر لهم كيفية ما جرى، قال عبد الله: فالتفت فإذا أبى الزبير في جملة من حضر، فلما تبينت وجهه كاد يرتج علىّ في الكلام من هيبته في قلبي، فرمزنى بعينه وأشار إلىَّ ليحضني، فمضيت في الخطبة كما كنت، فلما نزلت قال: والله لكأني أسمع خطبة أبى بكر الصديق حين سمعت خطبتك يا بنى (?)، وعن محمد بن عبد الله الثقفي قال: شهدت ابن الزبير بالموسم خرج علينا قبل التروية بيوم وهو محرم، فلبى بأحسن تلبية سمعتها قط، ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فإنكم جئتم من آفاق شتى وفودًا إلى الله عز وجل، فحق على الله أن يكرم وفده، فمن كان منكم يطلب ما عند الله