البناني: كنت أمر بابن الزبير وهو خلف المقام يصلي كأنَّه خشبة منصوبة لا تتحرك (?)، وقال يزيد بن إبراهيم عن عمرو بن دينار، قال: كان ابن الزبير يصلي في الحجر والمنجنيق يصيب ثوبه، فما يلتفت، يعنى: لما حاصروه (?)، وعن ابن أبى مليكة: قال لي عمر بن عبد العزيز: إن في قلبك من ابن الزبير، قلت: لو رأيته ما رأيت مناجيًا ولا مصليًا مثله (?)، وعن ابن أبى مليكة قال: كان ابن الزبير يواصل سبعة أيام، ويصبح في اليوم السابع وهو أليَثُنا (?). وعلق الذهبي على ذلك فقال: لعله ما بلغه النهي عن الوصال ونبيك - صلى الله عليه وسلم - بالمؤمنين رءوف رحيم، وكل من واصل، وبالغ في تجويع نفسه، انحرف مزاجه وضاق خلقه، فاتباع السنة أولى، ولقد كان ابن الزبير مع مُلكه صِنفًا في العبادة (?).
3 - جرأته وشجاعته: كان عبد الله بن الزبير فارس قريش في زمانه، وكان يشتد بالسيف وقد ناهز السبعين كأنه فتى في ربيع العمر، قال عنه عثمان بن طلحة: كان ابن الزبير لا ينازع في ثلاثة: لا شجاعة ولا عبادة ولا بلاغة (?)، وعن هشام بن عروة قال: كان أول ما أفصح به عمى عبد الله بن الزبير وهو صغير: السيف، فكان لا يضعه من فيه، فكان أبوه إذا سمع ذلك منه يقول: أما والله ليكونن لك منه يوم ويوم وأيام (?)، وكان مشهودًا له بالشجاعة منذ كان صغيرًا، وسنعرض لشجاعته في اليرموك وفي حصار القسطنطينية وفي فتح إفريقية، وفي دفاعه عن عثمان يوم الدار، وفي قتاله في الجمل، وسيأتي الحديث