في سبيله - كمثل الصائم القائم، وتوكل الله للمجاهد في سبيله إن توفَّاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه سالمًا مع أجرٍ أو غنمةٍ)) .
قوله: ((انتدب الله)) ؛ أي: سارع بثوابه وحسن جزائه، قال في "الصحاح": ندبت فلانًا لكذا فانتدب؛ أي: أجاب.
قال الحافظ: قوله: ((تضمن الله)) ، و ((تكفل الله)) ، و ((انتدب الله)) ، بمعنى واحد، ومحصله تحقيق الوعد المذكور في قوله - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111] ، وذلك التحقيق على
وجه الفضل منه - سبحانه وتعالى - وقد عبَّر - صلى الله عليه وسلم - عن الله - سبحانه وتعالى - بتفضُّله بالثواب بلفظ الضمان ونحوه ممَّا جرت به عادة المخاطبين فيما تطمئنُّ به نفوسهم.
قوله: "لا يخرجه إلا الجهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي" هذا نصٌّ على اشتراط خلوص النية في الجهاد.
وقوله: "في سبيلي": فيه عدول من ضمير الغيبة إلى ضمير المتكلم، فهو التفات.
قوله: "فهو عليَّ ضامن"؛ أي: مضمون.
قوله: "أن أدخله الجنة"؛ أي: ساعة موته كما ورد إن أرواح الشهداء تسرح في الجنة.
قوله: "أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة"؛ أي: أجر تام إن لم يغنم شيئًا، أو غنيمة معها أجر ناقص؛ لما روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا: ((ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث، فإن لم يصيبوا غنيمة تمَّ لهم أجرهم)) .
قوله: ((ومثل المجاهد في سبيل الله، والله أعلم بِمَن يجاهد في سيله)) فيه إشارة إلى اعتبار الإخلاص.
قوله: ((كمثل الصائم القائم)) شبَّه حال المجاهد في سبيل الله بحال الصائم القائم في نيل الثواب في كلِّ حركة وسكون، فأجره مستمرٌّ كما قال - تعالى -: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلاَ يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة: 120- 121] .
قوله: