ثلاثمائة مهيرة وسبعمائة سريَّة.
قوله: "تلد كلُّ امرأة منهن غلامًا يقاتل في سبيل الله" قال الحافظ: هذا قاله على سبيل التمنِّي للخير، وإنما جزم به لأنه غلب عليه الرجاء لكونه قصد به الخير وأمر الآخرة، لا لغرض الدنيا.
قوله: ((فقيل له: قل: إن شاء الله فلم يقل)) ، وفي رواية: ((فنسي)) قال بعض السلف: نبه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث على آفة التمنِّي والإعراض عن التفويض، قال: ولذلك نسي الاستثناء ليمضي فيه القدر.
قوله: ((فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان)) ، في رواية: ((ولم تحمل منهن شيئًا إلا واحدًا ساقطًا إحدى شقيه)) .
قوله: ((لو قال: إن شاء الله، لم يحنث وكان ذلك دركًا لحاجته)) ، في رواية: ((وكان أرجى لحاجته)) ، وفي رواية: ((لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا أجمعون)) ، وفي رواية: ((لو استثنى لحملت كلُّ امرأة منهن فولدت فارسًا يُقاتل في سبيل الله)) .
وفي الحديث استحباب الاستثناء لِمَن قال: سأفعل كذا، وأن إتباع المشيئة اليمينَ يرفع حكمها، وفيه أن الاستثناء لا يكون إلا باللفظ، وفيه أن كثيرًا من المباح والملاذِّ يصير مستحبًّا بالنيَّة والقصد، وفيه ما خصَّ به الأنبياء من القوة على الجماع الدال ذلك على صحة البنية وقوة الفحولية وكمال الرجولية، مع ما هو فيه من الاشتغال بالعبادة والعلوم، ويُقال: إن كلَّ مَن كان أتقى لله فشهوته أشدُّ؛ لأن الذي لا يتَّقي يتفرَّج بالنظر ونحوه، وفيه جواز الإخبار عن الشيء ووقوعه في المستقبل بناء على غلبة الظن، وفيه جواز السهو على الأنبياء وأن ذلك لا يقدح في علوِّ منصبهم، والله أعلم.
* * *
الحديث الخامس
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن حلف على يمين صبرٍ يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه
غضبان)) ، ونزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً ... } [آل عمران: 77] إلى آخر الآية.
* * *