أفلح، ائذني له، تربت يمينك)) ؛ أي: افتقرت، والعرب تدعو على الرجل ولا تريد وقوع الأمر به.
وعنها - رضي الله عنها - قالت: "دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي رجل، فقال: ((يا عائشة، مَن هذا؟)) ، قلت: أخي من الرضاعة، فقال: ((يا عائشة، انظرن مَن إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة)) .
الحديث دليلٌ على أن لبن الفحل يحرِّم، وصورته أن يكون لرجل امرأتان فترضع إحداهما صبيًّا أجنبيًّا والأخرى صبية فتحرم على الصبي؛ لأنها أخته لأبيه من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، قال ابن عباس: اللقاح واحد، يُشِير إلى أن سبب اللبن هو ماء الرجل وماء المرأة.
قولها: "والله لا آذن له حتى أستأذن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم" فيه أن مَن شكَّ في حكم يتوقَّف عنه حتى يسأل العلماء. وفيه مشروعية استئذان المحرم على محرمه.
قولها: "دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي رجل"، وفي رواية: "دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغيَّر وجهه كأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي، فقال: ((انظرن مَن إخوانكن)) ، فإنما الرضاعة من المجاعة)) ، قال المهلب: معناه: انظر ما سبب هذه الأخوة فإن حرمة الرضاع إنما هي في الصغر حتى تسدَّ الرضاعة المجاعة.
قوله: ((فإنما الرضاعة من المجاعة)) ؛ أي: الرضاعة التي تثبت بها الحرمة وتحلُّ بها الخلوة حيث يكون الرضيع طفلاً لسد اللبن جوعته، وروى الترمذي عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام)) .
وعن أم الفضل: "أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتحرم المصَّة؟ فقال: ((لا، تحرِّم الرضعة والرضعتان، والمصَّة والمصَّتان)) ، وفي رواية قالت: "دخل أعرابي على نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله، إني كانت لي امرأة فتزوَّجت عليها أخرى، فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت