باب ليلة القدر

الحديث الأول

عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أن رجالاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أرى رؤياكم قد تواطَأت في السبع الأواخر، فمَن كان منكم متحرِّيها فليتحرَّها في السبع الأواخر)) .

(ليلة القدر) : هي الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن؛ قال الله - تعالى -: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] .

قال ابن عباس وغيره: أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزَّة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع.

وقال البغوي: سميت ليلة القدر لأنها ليلة تقدير الأمور والأحكام، يقدِّر الله فيها أمر السنة في عباده وبلاده إلى السنة المقبلة كقوله - تعالى -: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] ، انتهى.

وفي حديث أنس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبدٍ قائم أو قاعد يذكر الله - عزَّ وجلَّ)) ؛ ذكره ابن الجوزي.

وقد قال الله - تعالى -: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ} الْفَجْرِ} [القدر: 1 - 5] .

قوله: "أروا ليلة القدر في المنام"؛ أي: قيل لهم في المنام: إنها في السبع الأواخر؛ يعني: أواخر الشهر.

قوله: ((تواطأت)) ؛ أي: توافقت وزنًا ومعنًى، قال الحافظ: وفي هذا الحديث دلالةٌ على عظيم قدر الرؤيا، وجواز الاستناد إليها في الاستدلال على الأمور الوجودية بشرط أن لا يخالف القواعد الشرعية.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015