لأنه يسد المنافذ كلها فتصير كالصخرة الصمَّاء التي ليس فيها خرق.
وقال الفقهاء: هو أن يلتحف بالثوب ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه فيصير فرجه باديًا.
قال النووي: فعلى تفسير أهل اللغة يكون مكروهًا؛ لئلا يعرض له حاجة فيتعسر عليه إخراج يده فيلحقه الضرر، وعلى تفسير الفقهاء يحرم؛ لانكشاف العورة.
قال الحافظ: ظاهر سياق المصنف من رواية يونس في اللباس، أن التفسير المذكور فيها مرفوع وهو موافق لما قاله الفقهاء، ولفظه: و (الصمَّاء) أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقَّيه، وعلى تقدير أن يكون موقوفًا فهو حجَّة على الصحيح؛ لأنه تفسيرٌ من الراوي لا يخالف ظاهر الخبر.
قوله: "وأن يحتبي" (الاحتباء) أن يقعد على أليتيه وينصب ساقيه ويلف عليه ثوبًا، ويقال له: الحبوة، وكانت من شأن العرب، وفسَّرها في رواية يونس المذكورة بنحو ذلك، انتهى.
* * *
الحديث الثامن
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن صام يومًا في سبيل الله بَعَّدَ الله وجهه عن النار سبعين خريفًا)) .
(الخريف) : زمانٌ معلوم من السنة، والمراد به هنا العام، والفضل المذكور محمولٌ على مَن لم يضعفه الصوم عن الجهاد، قال ابن الجوزي: إذا أطلق ذكر في سبيل الله فالمراد به الجهاد، وقال القرطبي: (سبيل الله) طاعة الله، فالمراد: مَن صام قاصدًا وجه الله.
* * *