أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر)) ، قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك، قال: ((فصم يومًا وأفطر يومين)) ، قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك، قال: ((فصم يومًا وأفطر يومًا، فذلك صيام داود - عليه السلام - وهو أفضل الصيام)) ، قلت: إن لأطيق أفضل من ذلك، فقال: ((لا أفضل من ذلك)) .
وفي رواية: قال: ((لا صوم فوق صوم داود - عليه السلام - شطر الدهر، صم يومًا وأفطر يومًا)) .
هذا الحديث يدلُّ على أن أفضل الصيام صوم يوم وإفطار يوم، وفيه دليلٌ على كراهية الزيادة على ذلك، وفيه استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر.
قال الخطابي: محصَّل قصة عبد الله بن عمرو، أن الله - تعالى - لم يتعبَّد عبده بالصوم خاصة، بل تعبَّده بأنواع من العبادات، فلو استفرغ جهده لقصَّر في غيره، فالأَوْلَى الاقتصاد فيه؛ ليستبقي بعض القوة لغيره.
قال الحافظ: وفي قصة عبد الله بن عمرو من الفوائد غير ما تقدَّم، بيان رفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمته وشفقته عليهم، وإرشاده إياهم إلى ما يصلحهم، وحثه إياهم على ما يطيقون الدوام عليه، ونهيهم عن التعمُّق في العبادة؛ لما يخشى من إفضائه إلى الملل أو ترك البعض، وقد ذمَّ الله - تعالى - قومًا لازموا العبادة ثم فرَّطوا فيها، وفيه الندب على الدوام على ما وظَّفه الإنسان على نفسه من العبادة، وفيه جواز
الإخبار عن الأعمال الصالحة والأوراد ومحاسن الأعمال، ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الرياء، وفيه الإشارة إلى الاقتداء بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام.
* * *
الحديث الثاني
عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول