وقد أجيب عنه: بأنا لا ننكر كرامة الفِراسة، ولكنا لا نجعل ذلك حجّة لجهلنا أنه من الله تعالى أم من الشيطان أم من النفس.
(والحكم: ما ثبت به جبراً) هذا كلام وقع في أثناء بيان الحكم؛ لأنه المقصود فافهم.
قالوا عندنا: حكم الله صفة أزلية لله تعالى، وكون الفعل واجباً وفرضاً وسنة ونفلاً وحسناً وحلالاً وحراماً، محكوماً لله تعالى ثبت بحكمه وهو إيجاد الفعل على هذا الوصف، وإنما سمي حكم الله تعالى في عرف الفقهاء والمتكلمين بطريق المجاز، إطلاقاً لاسم الفعل على المفعول، ثم المحكوم الذي يسمّى حكماً مجازاً وهو الوجوب وكذا صفات الأفعال لا نفس الفعل؛ لأن نفس الفعل يحصل باختيار العبد وكسبه، وإن كان خالقه هو الله تعالى. والحكم ما ثبت جبراً شاء العبد أو أبى. انتهى.
(والدليل: وهو ما يتوصّل بصحّة النظر فيه إلى العلم)، هذا تصرف في عبارة المشايخ بما أفسدها؛ إذ لفظهم: هو ما يمكن أن يتوصل بصحيح النظر فيه إلى العلم، والنظر عبارة عن ترتيب تصديقات علمية أو ظنية ليتوصل بها إلى تصديقات أخر، فترك قيد الإمكان وجعل التوصل بالصحة وهي صفة النظر لا هو، والتوصل عندهم بنفس النظر الموصوف بالصحة، وأين هذا من ذاك؟