(وحبيت مِنْهُ بِمَا تقاعس دونه ... همم الْمُلُوك الصَّيْد والعظماء)
(فَالله أظهر ذَا الجناب بنصه ... فالخلق أَرض والجناب سَمَاء)
(لَو قيل لي من ذَا أردْت أَجَبْتهم ... هَل غير زيد تمدح الشُّعَرَاء)
(وَإِذا أدير حَدِيثه فِي محفل ... فلمسمعي من طيب ذَاك غذَاء)
(ملك إِذا وعد الْجَمِيل وَفِي بِهِ ... وَإِذا توعد شَأْنه الإغضاء)
(ملك إِذا كتمت رعود سمائنا ... فعلى انسكاب ندى يَدَيْهِ نِدَاء)
(ملك إِذا مَا الفرن أوقد ناره ... فسيوفه لخمودها أنواء)
(ملك إِذا جَار الزَّمَان على امرىء ... فجنابه السَّامِي الرفيع وقاء)
(فبسعده أهْدى الزَّمَان إِلَى الورى ... كأساً هَنِيئًا لَيْسَ فِيهِ عناء)
(فَالله يبْقى ملكه السَّامِي الَّذِي ... قد كللته بنورها الزهراء)
(ويديمه فِي الدولة الغرّا الَّتِي ... ظَهرت بهَا الْآبَاء وَالْأَبْنَاء)
(فاليك بكر قريحة بكرية ... زفت إِلَيْك تحفها الأضواء)
(كَلِمَات حق شرّفت بمديحكم ... ومديحكم تسمو بِهِ الْفُضَلَاء)
وَكتب إِلَى الْعَلامَة عِيسَى بن مُحَمَّد الْجَعْفَرِي الثعالبي ثمَّ الْمَكِّيّ مادحاً بقوله
(يَا من سما فَوق السماك مقَامه ... وَلَقَد يراك الْكل أَنْت إِمَامه)
(حزت الْفَضَائِل والكمال بأسره ... وعلوت قدرا فِيك تمّ نظامه)
(لَو قيل من حَاز الْعُلُوم جَمِيعهَا ... لأقول أَنْت الْمسك فض ختامه)
(كم صغت من بكر الْعُلُوم خرائداً ... عَن غير كُفْء لم يجب إكرامه)
(فَاعْلَم بِأَنِّي غير كفو لَائِق ... إِن لم يكن ذَا الْفضل مِنْك تَمَامه)
ثمَّ أتبعه بنثر صورته لما أَضَاء نور الْمحبَّة فِي قناديل الْقُلُوب صفت مرْآة الْحَقِيقَة فَظهر الْمَطْلُوب فاتضحت الرسوم الطامسة وَبَانَتْ الطّرق الدارسة فاكتحلت عين القريحة فسالت فِي أنهر النُّطْق فأثمرت بالمسطور وَهُوَ الْمَقْدُور وَأما الْمقَام فَهُوَ أبهى من ذَلِك وَأجل وَلَيْسَ يدرى ذَلِك إِلَّا من وصل وَأما العَبْد فَهُوَ مقرّ أَنه قصرت بِهِ الركاب عَن بُلُوغ ذَلِك وعاقته عقبات الْأَسْبَاب عَن سلوك هَذِه المسالك لَكِن حَيْثُ أَن ثِيَاب السّتْر من فَضلكُمْ على أَمْثَاله مسبولة فَيكون أَنه يدْخل فِي ضمن الْأَمْثَال مَطْلُوبه ومأموله فَأَجَابَهُ الشَّيْخ عِيسَى بقوله
(لله دَرك يَا فريد محاسناً ... أربى على الْبَدْر التَّمام تَمَامه)