وَعدم الِاجْتِمَاع بِالنَّاسِ إِلَّا عَن حَاجَة وَكَانَ ملازماً للطيلسان مواظباً على تِلَاوَة الْقُرْآن معرضًا عَن اعراض الدُّنْيَا قانعاً بالكفاف وَكَانَت فَصَاحَته تفوق فصاحة سحبان وَائِل فَإِذا تكلم فَالْعُلَمَاء الأفاضل تسمع لَهُ فَلَيْسَ أحد مِنْهُم بمتفوه وَلَا قَائِل وَله كرامات باهرة وأنفاس طَاهِرَة وَكَانَ تِلْمِيذه الشَّيْخ عبد الله بن أَحْمد العيدروس يَقُول إِنَّه يشفع فِي اهل زَمَانه وَلم يزل ملازماً للتقوى إِلَى أَن قضى نحبه وَكَانَت وَفَاته فِي سنة سبع بعد الْألف بتريم وَدفن بمقبرة زنبل هَكَذَا ذكر تَرْجَمته الشلي فِي مشروعه الْمَرْوِيّ
الْأَمِير أَبُو بكر بن عَليّ الإحسائي ثمَّ الْمدنِي الْأَمِير الْكَبِير الْجَلِيل الْقدر أحد أسخياء الْعَالم رَأَيْت فِي بعض التَّعَالِيق تَرْجَمته وَذكر مترجمه أَن وِلَادَته بِمَدِينَة الأحساء فِي حُدُود الْألف وَنَشَأ على الِاشْتِغَال بِالْعلمِ ثمَّ رَحل صُحْبَة وَالِده إِلَى الْمَدِينَة وتوطنها وَكَانَ بهَا ملازماً لِلْعِبَادَةِ مواظباً لقِيَام اللَّيْل حَتَّى إِنَّه كَانَ يَجِيء إِلَى الْمَسْجِد النَّبَوِيّ فيقف بِبَابِهِ نَحْو سَاعَة حَتَّى يَفْتَحهُ الخدّام إِلَى أَن أدْركهُ أَجله يَوْم عَرَفَة بهَا وَهُوَ محرم فَحمل فِي محفة إِلَى مَكَّة وَدفن بالمعلاة وَذَلِكَ سنة سِتّ وَسبعين وَألف وَتُوفِّي وَالِده عَليّ باشا بِالْمَدِينَةِ فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَألف وَله ديوَان شعر فِي مجلدين وَمن شعره قَوْله مادحاً الشريف زيد بن محسن صَاحب مَكَّة
(زفت لعز مقامك العلياء ... وَعَلَيْك فضت راحها الجوزاء)
(فالبدر كاس والشموس عقارها ... فَاشْرَبْ بكاس شمسه الصَّهْبَاء)
(وحبا بهَا نجم السَّمَاء فَكَأَنَّهَا ... ذَات وَذَاكَ بشكله الْأَسْمَاء)
(وأتتك بكرا قبل فض ختامها ... يقتادها راووقها وذكاء)
(خضعت لعزك فاستقم فِي عرشها ... يَا ظَاهرا لَا يَعْتَرِيه خَفَاء)
(وانصب لِوَاء الْعدْل منتشر الثنا ... قد ضوّعت بعبيره الأرجاء)
(يسْعَى بِظِل أَمَانه بَين الورى ... ذُو الْبَأْس والأمجاد والضعفاء)
(فالدهر سَيْفك فاتخذه مجرّداً ... متوشحاً بالنصر وَهُوَ رِدَاء)
(والسعد قد توجته فلك الهنا ... وَكَذَا السَّعَادَة برجها السُّعَدَاء)
(وعلاك قد شهد الحسود بفضله ... وَالْفضل مَا شهِدت بِهِ الْأَعْدَاء)
(وحماك أَمن الْخَائِفِينَ نؤمه ... شم الأنوف القادة الْأَكفاء)
(وَلَقَد حظيت من الْإِلَه بنصره ... ردَّتْ مُرِيد الكيد وَهُوَ هباء)