عِنْده وَكَانَ كَاتب الْإِنْشَاء للسُّلْطَان عمر بن بدر ملك الشحر وشاعره الَّذِي تنفث فِي مدائحه سحر الْبَيَان وَبَيَان السحر وَله ترسل وإنشاء تصرف فِي إعجازهما كَيفَ شَاءَ وديوان شعره مَشْهُور تتلو محاسنه ألسن الْأَيَّام والشهور وَلم يزل كَاتبا للسطان الْمَذْكُور فِي عَهده ثمَّ لوَلَده عبد الله بن عمر من بعده حَتَّى انْقَضى أَجله وعمره وَهوى من أفق الْحَيَاة قمره فَمن شعره قَوْله من قصيدة
(رعيا لأيام تقضت بالحمى ... فرنا بهَا ووشاتنا غفلاء)
(جاد الزَّمَان بهَا وأسعفنا بِمن ... نهوى وَلم تشعر بِنَا الرقباء)
(وَمنا دمى يدر على غُصْن على ... حقف لَهُ قلبِي العميد خباء)
(عذب الْمقبل عاطر الأنفاس درياق ... النُّفُوس شفاهه اللعساء)
(متبسم عَن أشنب شنب لَهُ ... مهما تَبَسم فِي الدجى لألاء)
(مَا مسك دارين بأطيب نكهة ... مِنْهُ وَقد ضَاعَت لَهُ رِيَاء)
(عبر النسيم يجر فضل رِدَائه ... فحبته من كافورها الأنداء)
(فتعطرت من طيب فائح نشره ... أَرْوَاحنَا وسرت لَهُ السَّرَّاء)
(فسقى الْإِلَه مراتع الغزلان من ... وَادي النقا وهمت بهَا الأنواء)
(وتهللت برياضها سحب الحيا ... وسرت عَلَيْهَا دِيمَة وطفاء)
(حَتَّى يَرَاهَا الطّرف ابهج رَوْضَة ... فيروقها الأصباح والأمساء)
(وَالطير عاكفة بِكُل حديقة ... فَكَأَنَّهَا بلحونها قراء)
(وَالرَّوْض مبتهج الحيا فَكَأَنَّمَا ... وَأرَاهُ من غمر الندى داماء)
وَقَوله من أُخْرَى
(هذي المرابع والكثيب إِلَّا وعس ... وظبا الْخيام الآنسات الكنس)
(قف بِي عَلَيْهَا سَاعَة فَلَعَلَّ أَن ... يَبْدُو لي الخشف الأغن إِلَّا لعس)
(فلطالما عفت الْكرَى عَن ناظري ... شوقا إِلَيْهِ ومدمعي يتحبس)
(ينهل سَحا مثل منهمر الحيا ... فَوق المحاجر مُطلقًا لَا يحبس)
(وأغن ناعس طرفه سلب الْكرَى ... عَنى فطرفي ساهر لَا يَنْعس)
(أشتاقه مَا لَاحَ صبح مُسْفِر ... فِي أفقه أَو جن ليل حندس)
مِنْهَا
(يَا عاذلي دَعْنِي وشأني أَن لي ... قلبا بِغَيْر الْحبّ لَا يسْتَأْنس)
(لَك قدرَة أَن لَا تلوم وَلَيْسَ لي ... صَبر بِهِ دون الورى أتلبس)