خمس وَعشْرين وَألف ودرس بعد ذَلِك بمدارس الطَّرِيق وَأخذ عَنهُ الجم الْغَفِير مِنْهُم الْمُحَقق الْكَبِير الْمولى مصطفى البولوي والعلامة المتقن يحيى المنقاري المفتيان ونما بِهِ حَظه فوصل إِلَى الْمدرسَة السليمانية وَولي مِنْهَا قَضَاء ينكى شهر ثمَّ تقاعد بعد ذَلِك عَن الْقَضَاء وَاخْتَارَ التدريس فوجهت إِلَيْهِ مدرسة السُّلْطَان أَحْمد برتبة قَضَاء قسطنطينية ثمَّ ولي قضاءها اسْتِقْلَالا وَنقل مِنْهَا إِلَى قَضَاء الْعَسْكَر باباطولي فِي سنة خمس وَألف وَلما عزل عَنْهَا أَمر بالتوجه إِلَى بَلَده ادنه بِالْأَمر السلطاني ثمَّ عَاد مِنْهَا بِطَلَب من جَانب السلطنة وَولي قَضَاء الْعَسْكَر بروم ايلي فِي شَوَّال سنة خمس وَخمسين ثمَّ صَار مفتي الدولة فِي سنة سبع وَخمسين وتمكنت قَوَاعِد جاهه فِي الْفتيا واستقل بِأَمْر الدولة حَتَّى كَانَ بِرَأْيهِ قتل السُّلْطَان إِبْرَاهِيم وَقد قَامَ بذلك الْأَمر أتم الْقيام وَأفْتى بقتْله بِنَاء على أَنه انتهك بعض الحرمات وانجر أمره فِي ذَلِك إِلَى غصب بعض نسَاء ذَوَات أَزوَاج ونقم عَلَيْهِ أُمُور غير ذَلِك كلهَا خَارِجَة عَن جادة الشَّرِيعَة فخلعه صَاحب التَّرْجَمَة من السلطنة وَأفْتى بقتْله فَقتل كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي تَرْجَمته وعلت حُرْمَة المترجم بعد ذَلِك وهابه الْخلق ثمَّ عزل عَن الْفتيا وَأمر بالتوجه إِلَى الْحَج فَسَار من الْبَحْر إِلَى مصر وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَخمسين ثمَّ بعد مَا حج عَاد من الطَّرِيق الشَّامي وَنزل بِالْمَدْرَسَةِ السليمانية وَوجه إِلَيْهِ قَضَاء الْقُدس فَتوجه إِلَيْهَا وأزال مِنْهَا بعض أُمُوره مُنكرَة ثمَّ وَجه إِلَيْهِ قَضَاء بلغراد وإفتاؤها فسافر إِلَيْهَا وَأقَام بهَا إِلَى أَن توفّي وَكَانَت وَفَاته فِي حُدُود سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَألف رَحمَه الله

عبد الرؤف بن تَاج العارفين بن عَليّ بن زين العابدين الملقب زين الدّين الحدادي ثمَّ الْمَنَاوِيّ القاهري الشَّافِعِي وَقد تقدم ذكر تَتِمَّة نسبه فِي تَرْجَمَة ابْنة زين العابدين الإِمَام الْكَبِير الْحجَّة الثبت الْقدْوَة صَاحب التصانيف السائرة وَأجل أهل عصره من غير ارتياب وَكَانَ إِمَامًا فَاضلا زاهداً عابداً قَانِتًا لله خَاشِعًا لَهُ كثير النَّفْع وَكَانَ متقرباً بِحسن الْعَمَل مثابراً على التَّسْبِيح والإذكار صَابِرًا صَادِقا وَكَانَ يقْتَصر يَوْمه وَلَيْلَته على أَكلَة وَاحِدَة من الطَّعَام وَقد جمع من الْعُلُوم والمعارف على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا وتباين أقسامها مَا لم يجْتَمع فِي أحد مِمَّن عاصره نَشأ فِي حجر وَالِده وَحفظ الْقُرْآن قبل بُلُوغه ثمَّ حفظ الْبَهْجَة وَغَيرهَا من متون الشَّافِعِيَّة وألفية ابْن مَالك وألفية سيرة الْعِرَاقِيّ وألفية الحَدِيث لَهُ أَيْضا وَعرض ذَلِك على مَشَايِخ عصره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015