وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله إِن مَا مَوْصُول اسْمِي وَمَا بعده صلَة وَلَا عَائِد يربطها بالموصول لَا لفظا وَهُوَ ظَاهر وَلَا تَقْديرا لِأَن ذَلِك الْعَائِد إِمَّا أَن يقدر ضميراً مُتَّصِلا أَو مُنْفَصِلا وَلَا سَبِيل إِلَى الأول لمرجوحية اتِّصَال ضميري النصب إِذا اتحدا رُتْبَة وَاخْتلفَا لفظا كَقَوْلِه إِنَّا لَهما قفوا كرم وَالِد وَلَا إِلَى الثَّانِي لِأَن الْعَائِد الْمَنْصُوب لَا يحذف إِذا كَانَ ضميراً مُنْفَصِلا فَأجَاب بقوله الْعَائِد إِلَى مَا الموصولة ضمير مَحْذُوف يقدر مُنْفَصِلا مُؤَخرا عَن عَامله أَي بِالَّذِي آتَاهُم الله إِيَّاه وَقَول السَّائِل لِأَن الْعَائِد الْمَنْصُوب لَا يحذف إِذا كَانَ ضميراً مُنْفَصِلا لَيْسَ على إِطْلَاقه انْتهى وَكَانَت وَفَاته بِمَكَّة فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع عشرَة بعد الْألف رَحمَه الله تَعَالَى
عبد الرَّحِيم بن إسكندر أحد الموَالِي الرومية كَانَ عَالما حسن الْأَخْلَاق ورد الشَّام قَدِيما مَعَ بعض قضاتها وَأخذ بهَا عَن الْبَدْر الْغَزِّي وَحضر دروسه ثمَّ ولي قَضَاء الشَّام فِي سنة تسع بعد الْألف وَقدم إِلَيْهَا وَكَانَ دينا عفيفاً جميل السِّيرَة وَفِيه تعطف ومحبة للْعُلَمَاء والصلحاء وَلم يقم بِدِمَشْق إِلَّا شهرا وَاحِدًا ثمَّ انْفَصل عَنْهَا وسافر فِي شهر ربيع الأول وَتُوفِّي فِي شهر ربيع الثَّانِي وَهُوَ ذَاهِب فِي الطَّرِيق بِمَدِينَة أركله رَحمَه الله تَعَالَى
عبد الرَّحِيم بن تَاج الدّين بن أَحْمد بن محَاسِن الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ تقدّم أَبوهُ فِي حرف التَّاء وَعبد الرَّحِيم هَذَا ولد بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا ودأب فِي التَّحْصِيل حَتَّى تفوّق فِي عنفوان عمره وَكَانَ فَاضلا أديباً ذكياً قوي الحافظة يحتوي على فنون وَكَانَ فِي الْحسن إِلَيْهِ النِّهَايَة ورحل بِهِ أَبوهُ إِلَى الْقَاهِرَة فَأخذ بهَا الْفِقْه عَن الشَّيْخ عبد الْقَادِر الطوري مفتي الْحَنَفِيَّة وَالشَّيْخ مُحَمَّد المحبي الْحَنَفِيّ حكى لي أَخُوهُ الشَّيْخ الإِمَام إِسْمَاعِيل الْخَطِيب بِجَامِع دمشق قَالَ كَانَ إِذا جَاءَ إِلَى حَلقَة المحبي يَأْمُرهُ أَن يجلس خَلفه ويدير ظَهره إِلَى ظَهره وَيَقُول المحبي إِنَّمَا أفعل ذَلِك صِيَانة لوجهه عَن أَن يرَاهُ أحد قلت وَمثل هَذَا يرْوى عَن الإِمَام أبي حنيفَة مَعَ الإِمَام مُحَمَّد وَحكى لي أَيْضا أَنه كَانَ يحفظ كتبا عدّة من جُمْلَتهَا تَارِيخ ابْن خلكان وامتحن فِيهِ مَرَّات فَظهر أَنه متقن حفظه وَكَانَ يكْتب الْخط الْحسن وَيَرْمِي بِالسِّهَامِ رمياً جيدا ويعوم وَله معرفَة باللغة الفارسية وَبلغ مَا بلغ من هَذِه الغايات وَسنة لم يبلغ الْعشْرين وَحكى لي أَخُوهُ الْمَذْكُور قَالَ كَانَ إِذا فرغ من دروسه جَاءَ إِلَى الْمنزل وَأخذ يلْعَب لعب الصّبيان الْمَعْرُوف