الْأَعْلَى وَالنَّاس يَغْدُونَ عَلَيْهِ ويردون من فَضله الغل والنهل وَحضر هَذَا الدَّرْس عُلَمَاء أَعْلَام ومشايخ إِسْلَام قَالَ الشلي وحضرته مَرَّات ودعا لي بدعوات وَكَانَت عباداته أَكْثَرهَا قلبية وَكَانَ ملازماً لقِيَام الثُّلُث الْأَخير من اللَّيْل هُوَ وَالْإِمَام الشَّيْخ مُحَمَّد باعيشة يقرآن الْقُرْآن كل ختمة لشيخ من الْقُرَّاء السَّبْعَة وَيسْتَعْمل السّنة فِي مدخله ومخرجه بل فِي جَمِيع أُمُوره وَألبسهُ الله رِدَاء جميلاً وكل من رَآهُ انْتفع بِرُؤْيَتِهِ قبل كَلَام يتَكَلَّم بِهِ وَإِذا تكلم كَانَ الْبَهَاء والنور على أَلْفَاظه قَالَ بعض عُلَمَاء وقته لقد طفت كثيرا من الْبِلَاد وَرَأَيْت الْأَئِمَّة والزهاد فَمَا رَأَيْت أكمل مِنْهُ نعتاً وَلَا أحسن وَصفا وَبِالْجُمْلَةِ فأقواله مفيدة وأفعاله حميدة وَإِذا كَانَ أَعْيَان زَمَانه قصيدة فَهُوَ بَيتهَا وَإِن انتظموا عقدا كَانَ هُوَ واسطته وَمَعَ تبحره فِي الْعُلُوم العديدة لم يسمع أَنه ألف رِسَالَة وَلَا نظم شعرًا وَلَا قصيدة وَلم يزل يترقى فِي المقامات وَالْأَحْوَال حَتَّى نَالَ غَايَة الآمال وَدعَاهُ دَاعِي الِانْتِقَال وَكَانَ انْتِقَاله فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَألف وفيهَا مَاتَ جمَاعَة من أهل الْأَحْوَال فَلِذَا أرخها بَعضهم بقوله غَابَ الْوُجُود وَدفن بقبة جده وقبره مَشْهُور عِنْد النَّاس وَمن استجار بِهِ أَمن من كل باس رَحمَه الله تَعَالَى

السَّيِّد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد كَمَال الدّين بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْحُسَيْنِي الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن النَّقِيب وَقد تقدم تَتِمَّة نسبه فِي تَرْجَمَة عَمه السَّيِّد حُسَيْن وَكَانَ السَّيِّد الْمَذْكُور نادرة وقته فِي الْفضل وَالْأَدب والذكاء وجودة القريحة وَحسن التخيل وَكَانَ مطلعاً على اللُّغَة وَالشعر وأنواعه الِاطِّلَاع التَّام وفضله أشهر من أَن ينوّه بِهِ أَو ينيبه عَلَيْهِ تخرج بوالده وَغَيره من فضلاء الْعَصْر حَتَّى برع وأتقن فنوناً ثمَّ تعانى الْإِنْشَاء ونظم الشّعْر فِي طَلِيعَة عمره فَأحْسن فيهمَا كل الْإِحْسَان وَضرب فيهمَا بالقدح الْمُعَلَّى وَكَانَ يتخيل التخيلات الْبَعِيدَة البديعة فِي التشابيه العجيبة والنكات المتقنة والمعميات العويصة وَكَلَامه كَمَا ترَاهُ يجمع بَين الجزالة وَحسن التَّرْكِيب فِي لطائف الصَّنْعَة وتملك رق الإتقان والإبداع ويعرب عَمَّا وَرَاءه من أدب كثير وَحفظ غزير وقريحة غير قريحة وطبع غير طبع وَقد وقفت لَهُ على أَشْيَاء يحْسد الأول الْأَخير عَلَيْهَا فَمن ذَلِك رقْعَة بِخَطِّهِ كتبهَا إِلَى صاحبنا المرحوم زين الدّين بن أَحْمد البصراوي يستدعيه وَيطْلب مِنْهُ رَيْحَانَة الشهَاب يَقُول فِيهَا

(يَا أديباً يُبْدِي من الْأَدَب الغض ... رياضاً موشية الديباج)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015