مِنْهَا وَمن المعجب مَا كتبه الْجد فِي شَأْنه هَذَا إِلَى تِلْمِيذه الأديب الذيق الألمعي أبي الطّيب الْغَزِّي الْمُقدم ذكره وَكَانَ أرسل إِلَيْهِ كتابا مَعَ نجاب الشَّام وَكتب إِلَيْهِ فِي حَاشِيَته مَا نَصه وَأما أخوكم الْعَلامَة ولدنَا الْعِمَادِيّ فَإِنَّهُ فِي الصِّحَّة والسلامة وَالنعْمَة والكرامة وَهُوَ يسلم عَلَيْكُم ويعرض وافر شوقه إِلَيْكُم فانتقد أَبُو الطّيب من تَعْبِيره بِلَفْظ الْعَلامَة المستفيض إِطْلَاقه على الزَّمَخْشَرِيّ مَا جنح إِلَيْهِ وَحكم عَلَيْهِ بِقُوَّة حدسه وَبعد مَا رَجَعَ إِلَى دمشق تخلص للإقراء والإفادة وَولي تدريس الْمدرسَة الشبلية فِي سنة سبع عشرَة وَألف ثمَّ ولي بعْدهَا الْمدرسَة السليمية فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَلما ورد دمشق الْمولى أسعد بن سعد الدّين قَاصِدا الْحَج راجت لَدَيْهِ فضائله وَظَهَرت لَهُ مزيته فَأقبل عَلَيْهِ بكليته وَلما عَاد إِلَى الرّوم وَولي الْإِفْتَاء صيره ملازماً على قاعدتهم وَكَانَ قبل ذَلِك بِمدَّة أَخذ عَنهُ الْمولى أَحْمد بن زين الدّين المنطقي الْمُقدم ذكره الْمدرسَة السليمية فَصنعَ الْعِمَادِيّ قصيدة فِي مدح الْمولى أسعد الْمَذْكُور يتطلب فِيهَا إِعَادَة الْمدرسَة إِلَيْهِ ويتظلم من الدَّهْر ومطلعها

(بك أسعد الرّوم ابْن سعد الدّين ... يسمو عماد الْعلم ثمَّ الدّين)

وَمن جُمْلَتهَا وَهُوَ مَحل الْغَرَض

(لَك أشتكي مولَايَ أفظع وصمة ... كَادَت لشدَّة قهرها تصميني)

(يَا ضَيْعَة الإعمار فِي طلب العلى ... بِالْعلمِ وَالنّسب الَّذِي بالشين)

(أَمن الْمُرُوءَة وَهِي أسمى رُتْبَة ... أَنى أعادل بِابْن زين الدّين)

(لَا بل يرجح ثمَّ يغصب منصبي ... وأعود مِنْهُ بصفقة المغبون)

(لَو كنت مَعَ كفو قرنت لهان لي ... لكنه بئس القرين قريني)

(أَو كَانَ ثمَّ تعادل لهضمته ... فَانْظُر إِلَى دهري بِمن يبلوني)

فقرر عَلَيْهِ الْمدرسَة وَله فِيهِ قصيدة بديعة يشْكر صَنِيعه فِيهَا مطْلعهَا

(إِلَّا هَكَذَا فليسعد العَبْد سيد ... فَلَا زلت فِي سعد ومولاي أسعد)

وَهِي طَوِيلَة ثمَّ ولي بعد ذَلِك الْمدرسَة السليمانية والإفتاء بِالشَّام فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَألف وَتوجه إِلَى الْحَج وَهُوَ مفت فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَكبر صيته بعد ذَلِك واشتهر وَسلم لَهُ عُلَمَاء عصره وَمِمَّا يرْوى أَنه رفع مِنْهُ لشيخ الْإِسْلَام يحيى بن زَكَرِيَّا فَتْوَى وَعَلَيْهَا جَوَابه فَكتب ابْن زَكَرِيَّا عَلَيْهَا إِلَى جَانِبه الْجَواب كَمَا بِهِ أخونا الْعَلامَة أجَاب وَهَذِه غَايَة فِي المدحة وعلو الرُّتْبَة وَقد مدحه أَكثر الشُّعَرَاء عصره من الأدباء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015