لَا يَقُول بالمحاباة فيزيف كَلَام الْغَيْر إِذا لم يرضه وَلَو كَانَ أَبَاهُ وَإِذا خَاضَ فِي عُلُوم الصُّوفِيَّة أَنْكَرُوا وَكَانَ شَدِيد الْإِنْكَار على النَّاس فِيمَا يُخَالف الشَّرْع لَا سِيمَا مَا أجمع على حظره أَو ترجح الْإِنْكَار فِي نظره لَا يقنع فِي أَمر الْحق بِغَيْر إِظْهَاره مطبوعاً على الالتذاذ بِهِ متحملاً للأذى من النَّاس بِسَبَبِهِ يدافع ذَلِك بِيَدِهِ وَلسَانه بِحَسب وَسعه وَإِذا لم يسْتَطع الدّفع تأثر بِهِ شَدِيدا وَرُبمَا أَصَابَته الْحمى وَقد ورد فِي الحَدِيث أَنه
قَالَ يَأْتِي على النَّاس زمَان يذوب قلب الْمُؤمن كَمَا يذوب الْملح قيل يَا رَسُول الله مِم ذَلِك قَالَ مِمَّا يرى من الْمُنكر لَا يَسْتَطِيع تَغْيِيره وَكَانَ لصدقه وَحسن نِيَّته تهابه أَرْبَاب الْفسق ويهربون مِنْهُ وَرُبمَا إِذا أحس بِهِ الصّبيان تركُوا اللّعب هَيْبَة مِنْهُ وَكَانَ فِي جَمِيع أَحْوَاله ملازماً للأدب زاهداً فِي الدُّنْيَا وَعرض عَلَيْهِ قَضَاء بَلْدَة تريم فَلم يقبل وَكَانَ ملازماً للتلاوة وَالِاعْتِكَاف وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ من محَاسِن عصره وتحائف دهره وَكَانَت وَفَاته فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَألف وَدفن بمقبرة زنبل من جنَّات بشار رَحمَه الله
عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله الحديلي بن مُحَمَّد بن حسن الطَّوِيل بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْفَقِيه أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن علوي بن مُحَمَّد صَاحب مرباط عرف كسلفه بباحسن الحديلي صَاحب القاره أحد فضلاء الْيمن الْمَشْهُورين قَالَ الشلي ولد بِمَدِينَة تريم وتفقه بهَا وَأخذ التصوف عَن جمَاعَة وغلبت عَلَيْهِ فنون الْأَدَب فَكَانَ لَا يشار بهَا إِلَّا إِلَيْهِ وَكَانَ جيد البديهة حُلْو النادرة سريع الْجَواب وَهُوَ فِي ذَلِك من الْعَجَائِب وَكَانَ يسْأَل عَن الْمسَائِل المعمية فَيكْتب الْجَواب بِاللَّفْظِ الفصيح والسجع اللَّطِيف قَالَ وَكنت وقفت على بعض أجوبته فِي الصغر وَلم أظفر الْآن بِشَيْء مِنْهَا وَلَا أحفظ الْآن من تِلْكَ الْأَجْوِبَة إِلَّا قَوْله لجَعْفَر الصَّادِق لما قَالَ نصف اسْمِي فِي ثَلَاثَة أَرْبَاعه رَجَعَ وَله رسائل فائقة وأشعار مستعذبة وانتفع بِهِ كثير وَكَانَ لَهُ اعتناء بنظم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ عمر بن عبد بامخرمة فَجمع مِنْهُ مجلدات وَكَانَ يُوضح مشكلاته وَيبين مَا دق مِنْهُ وَكَانَ هُوَ وَإِمَام الْعُلُوم السَّيِّد عبد الله بن مُحَمَّد بروم فِي ذَلِك الزَّمَان فرسي رهان فَكَانَا عَيْني ذَلِك الْعَصْر وَأقَام بالقرية الْمُسَمَّاة بالقاره وصدقاته دارّة على الْفُقَرَاء وَكَانَ كثير الْإِحْسَان جم النوال وَكَانَت وَفَاته فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَألف وَدفن بقرية القارة رَحمَه الله تَعَالَى