كثير الْإِحَاطَة بمواد التَّفْسِير والعربية جم الْفَائِدَة ممدحاً كَبِير الشَّأْن وكل من رَأَيْته من الْفُضَلَاء يغلو فِي تَقْدِيمه وَحفظ محاسنه وَيَقُول إِنَّه لم تخرج الرّوم مثله فِي الْجمع بَين أفانين المعلومات العجيبة والألفاظ المزخرفة وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ أشهر الْمُتَأَخِّرين من عُلَمَاء الرّوم فِي ديار الْعَرَب وأكبرهم شَأْنًا وَسبب شهرته الزَّائِدَة طول تردده إِلَى هَذِه الْبِلَاد وَكَثْرَة مدح شعرائها لَهُ والمغالاة فِي وَصفه وشيوع خَبره بِالْكَرمِ والعطايا الجزيلة وَكَانَ حسن الْخط إِلَى الْغَايَة وَالنَّاس يضْربُونَ بجودة خطه الْمثل لمتانته وَحسن أسلوبه وَكَانَ حسن النادرة كثير اللطائف وَمن لطائفه أَنه سُئِلَ عَن الحَدِيث الصَّدَقَة تدفع الْبلَاء مالمراد بالبلاء فَأجَاب بِمَا قيل فِيهِ ثمَّ قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون الْبلَاء هُوَ السَّائِل نَفسه فالصدقة تَدْفَعهُ بِمَعْنى تدفع ثقله وَقد نَشأ على التَّحْصِيل حَتَّى فاق ولازم من الْمولى مُحَمَّد بن سعد الدّين ثمَّ درس بمدارس قسطنطينية وسافر مَعَ أَبِيه من الْبَحْر على طَرِيق مصر إِلَى الْقُدس فِي سنة ثَمَان عشرَة وَألف وَأخذ بهَا الحَدِيث عَن الشَّيْخ مُحَمَّد بن أَحْمد الدجاني وتلقن كلمة التَّوْحِيد فِي ضريح سيدنَا دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ عزل وَالِده عَن الْقُدس وَعوض عَنْهَا بِالْمَدِينَةِ المنورة ثمَّ عَاد فِي خدمَة وَالِده إِلَى وَطنه فولى تفتيش الْأَوْقَاف وباشره أحسن مُبَاشرَة فاشتهر بالعفة حَتَّى نما خَبره إِلَى السُّلْطَان مُرَاد فاتصل بجانبه وَبَلغنِي أَن الْعلَّة فِي تقربه إِلَيْهِ إتقانه للرمي بِالسِّهَامِ وَمِنْه تعلمه السُّلْطَان الْمَذْكُور وأتقنه وَلم يزل مشمولاً بعنايته وَهُوَ يترقى فِي الْمدَارِس إِلَى أَن وصل إِلَى الْمدرسَة السليمانية وَولي مِنْهَا قَضَاء حلب فَقدم إِلَيْهَا وَسيرَته بهَا مَذْكُورَة مَشْهُورَة ولأدبائها فِيهِ مدائح كَثِيرَة وَكَانَ الأديب يُوسُف البديعي الدِّمَشْقِي نزيل حلب إِذْ ذَاك من خواصه وندماء مَجْلِسه وباسمه ألف كِتَابيه ذكرى حبيب وَالصُّبْح المنبي عَن حيثية المتنبي وترجمة بترجمة مُسْتَقلَّة وَذكر أَنه كَانَ بَينه وَبَين النَّجْم الحلفاوي مودّة أكيدة وَلم يتَّفق لَهُ نظم شَيْء من الشّعْر إِلَّا هذَيْن الْبَيْتَيْنِ قالهما فِي حق النَّجْم الْمَذْكُور وهما

(عَلَيْك بِنَجْم الدّين فالزمه إِنَّه ... سيهدي إِلَى جنس الْعُلُوم بِلَا فصل)

(بِنور اسْمه السَّامِي هدى كل عَارِف ... أَلا إِنَّه شمس المعارف وَالْفضل)

قَالَ وَلما أنشدهما قلت بديهة مُخَاطبا شَيخنَا الحلفاوي بِقَوْلِي

(كَفاك افتخاراً أَيهَا النَّجْم إِن ذَا المآثر ... بدر الْمجد شمس ضحى الْعدْل)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015