(وَمَا الطيش مغن عَنْك فِي حل عقلة الوثاق ... سوى التَّشْدِيد فِي عقدَة الْأسر)

وَمن نَوَادِر أسماره ومحاسن أخباره أَنه كَانَ فِي غُضُون الصِّبَا يهوى حبيبا كَأَنَّمَا تكون من رقة الصِّبَا وَكَانَ يَذُوق من تقلباته مَا يحر فِيهِ الْوَهم ويعجز عَن حمل بعضه الطود الأشم على أَن مَا قاساه من البلايا والمحن لم يكن بمستحقها وَلَكِن يرى حسنا مَا لَيْسَ بالْحسنِ فَجَلَسَ يَوْمًا الإقراء تلميذ لَهُ وَكَانَ مِمَّن تسْجد لطلعته الأقمار ويلعب بالعقول لعب الْعقار بالأفكار فَحَدَّثته نَفسه بِأَن يتَخَلَّص من ذَلِك الشّرك وينقل الرّوح من أٍ سر ذَلِك المارد إِلَى هَذَا الْملك فَعرض لَهُ طائف من عَالم الخيال وهبت عَلَيْهِ نفحة من برزخ الْمِثَال فَرَأى شكل حَبِيبه الَّذِي شب بِهِ ضرام الجوى ينظر إِلَيْهِ شررا وَهُوَ مار فِي الْهوى وَهُوَ يومي إِلَيْهِ كالمعاتب ويلومه بِلِسَان الْحَال كَمَا يلام الْقَادِر الْكَاذِب فَحصل لَهُ من الْحيَاء والحجاب مَا أوقعه فِي أعظم مصاب وَعطف على الْقلب اللجوج وَقد أطرق إطراق المحجوج فَبَيْنَمَا هُوَ لَا يُدِير لحظا وَلَا يحير لفظا إِذا بِرَجُل أعظم مَا يكون مد يَده إِلَى فُؤَاده واختطفه بِسُرْعَة عزمه وَقُوَّة سداده وألقاه إِلَى ذَلِك الْمِثَال فَأَخذه وَولي من حَيْثُ جَاءَ فِي عَالم الخيال فَاسْتَيْقَظَ وَقد أضلّ قلبه وضيع صبره وليه وَعقد التَّوْبَة عَمَّا جنى فِي شرع الْهوى من الذُّنُوب وَفِي كل عين مِنْهُ أحفان وَيَعْقُوب وَمن أناشده لنَفسِهِ مَا تلقيته عَنهُ من فِيهِ فِي أحد مجالسي مَعَه قَوْله

(سقتك الغر يَا عهد الشبيبة ... ترنح مِنْك أغصانا عسيبة)

(وَإِلَّا فالنواقع من جفوني ... وَإِن تَكُ لأرواء وَلَا عذوبة)

(فكم لي فِي ظلالك من مقيل ... حسون بِهِ الْهوى كأسا وكوبه)

(بِكُل ندى جسم كنت أظمى ... النواظر عَنهُ خشيَة أَن تذيبه)

(كَانَ بِكُل عُضْو مِنْهُ بَدْرًا ... منيرا أَو مدبجة خصيبة)

(وكل مرنح الأعطاف يخطو ... فيكتسب الصِّبَا مِنْهُ هبوبه)

(إِذا مَا رام يعبث بِي دلالا ... يقطب والرضى يمحو قطوبه)

(فَمن لَك بالسلامة أَن تثني ... وهز قناة عطفيه الرطيبة)

(وأبلج مستدير الشكل أبدت ... بِهِ الأصداغ أشكالا عَجِيبَة)

(تريك بسيمياء الْحسن روضا ... حذارا مِنْهُ أَن تصلى لهيبة)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015