(وأولها يحط لَدَيْهِ وقرا ... وَآخِرهَا تحمل من لديا)

ثمَّ لم أشعر إِلَّا بِكِتَاب إِلَى الإِمَام من عبد الحميد المترجم بالأبيات فعجبت من توارد الخاطر على التمثل ثمَّ ذكرت قَضيته لهَذِهِ الأبيات وَهِي أَنه لما مَاتَ ابْن الإِمَام شرف الدّين الْمُسَمّى بِعَبْد القيوم وَكَانَ من سَادَات العترة وَلم يبلغ عمره إِلَّا إِحْدَى عشرَة سنة وَنصفا وَقد كَانَ يجاري الْعلمَاء وقبره فِي الْقبَّة قبلى الحراف من أَعمال صنعاء مَشْهُور مزور وَمِمَّا يرْوى أَنه حضر فِي مَسْجِد الحسحوش بالحراف وَالْعُلَمَاء يَخُوضُونَ فِي مسئلة الْبَهَائِم إِذا تمّ سؤالها وحسابها أَيْن تصير فَذكرُوا المقالات وَلم يذكرُوا أشهرها وأحسنها وَهُوَ أَن الله تَعَالَى يخلق لَهُنَّ رحبة فِي الْجنَّة فَلَمَّا كثر الْخَوْض قَالَ السَّيِّد عبد القيوم وَمَا يشكل عَلَيْكُم من أمرهن لَعَلَّ الله يخلق لَهُنَّ رحبة يتنعمن فِيهَا فأعجب الْحَاضِرُونَ بذلك وكتبوه عَنهُ وَلما مَاتَ عبد القيوم الْمَذْكُور أنْشد وَالِده هَذِه القصيدة وأكثرها من شعر الْأَمِير صَلَاح الدّين الأربلي وفيهَا بَيت مَشْهُور مُتَقَدم على الْأَمِير صَلَاح الدّين وَهُوَ

(حمدت الله رَبِّي يَا بنيا ... )

فَإِن أَصله

(حمدت الله رَبِّي يَا عليا ... )

مِمَّا قَالَه بعض النَّاس فِي أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَهَذِه الْألف فِي قَوْله يَا عليا ألف الندبة فَلَمَّا أخرج الْأَمِير القصيدة أخرج السَّيِّد الْعَلامَة عبد الله بن الْقَاسِم الْعلوِي القصيدة أَيْضا فاتفقت خواطرهما وَذَلِكَ من الْعَجَائِب انْتهى كَلَامه وَلم يذكر وَفَاة عبد الحميد بل ذكر أَنه مدفون بالسودة عِنْد بَابهَا القبلي لَكِن سِيَاق كَلَامه يَقْتَضِي أَن وَفَاته تَأَخَّرت إِلَى مَا بعد الْخمسين وَألف

عبد الحميد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم السندي الفاروقي الْحَنَفِيّ نزيل مَكَّة المكرمة الشَّيْخ الْجَلِيل الحميد الْخِصَال الْجَمِيل الفعال كَانَ صَاحب معارف وفنون أَصله من أَرض السَّنَد الإقليم الشهير وَنَشَأ فِيهِ على فضل عَظِيم ورحل إِلَى الْحَرَمَيْنِ وَصَحب كثيرا من الْعلمَاء الأفاضل وَأخذ عَن جمع مِنْهُم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن أَبُو الْفضل زين الدّين تلميذ الْحَافِظ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي وَمِنْهُم أَخُوهُ وَكَانَ وافر الصّلاح وَحصل لَهُ بِمَكَّة جاه وَاسع وصيت شاسع وَكَانَ صوفي الْأَخْلَاق كثير الْخَوْف خشن الْعَيْش حسن الْعشْرَة وَلم يزل بِمَكَّة إِلَى أَن توفّي وَكَانَت وَفَاته سنة تسع بعد الْألف وعمره نَحْو تسعين سنة وَدفن بالمعلاة بِجنب قبر أَخِيه وَمُدَّة إِقَامَته بِمَكَّة تسع سِنِين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015