(أولاه مَوْلَاهُ الْكَرِيم رُتْبَة ... أنضت بأعداه إِلَى حسر الثِّيَاب)
(مَعَ الْعُلُوم الباهرات أَرخُوا ... زَاد الْجَلِيل عَبده فصل الْخطاب)
وَكَانَ ذَلِك فِي سنة أَرْبَعِينَ بعد الْألف وتصدر للتدريس والإفادة وَلَزِمَه جمَاعَة من طلبة وقته وانتفعوا بِهِ فِي بعض الْفُنُون وَلما جَاءَ السُّلْطَان مُرَاد لحلب بنية السّفر إِلَى بَغْدَاد سَافر عبد الْجَلِيل من دمشق إِلَى حلب لأجل الاجتاع بشيخه الفتحي وَكَانَ فِي خدمَة السُّلْطَان وترجى مِنْهُ بعض أَمَان لَهُ فخاب ظَنّه فِيهِ وَرجع من حلب فاحترمته الْمنية فِي منزلَة القطيفة قبل أَي يدْخل إِلَى دمشق وَأدْخل إِلَيْهَا مَيتا وَكَانَ ذَلِك فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَألف وَدفن بمقبرة الشَّيْخ أرسلان قدس الله سره الْعَزِيز وَكَانَ عمره خمْسا وَعشْرين سنة فَإِن وِلَادَته فِي سنة أَربع وَعشْرين وَألف وَخلف ولدا رضيعاً اسْمه مُحَمَّد ووجهت لَهُ الْإِمَامَة بالجامع الْأمَوِي ثمَّ بعد مُدَّة استقرغ وَصِيّه عَنْهَا للشَّيْخ زين الدّين بن مُحَمَّد النابلسي خطيب السليمانية بِدِمَشْق وَأخذ الْوَصِيّ مِنْهُ مبلغا من الدَّرَاهِم فِي مُقَابلَة الْفَرَاغ لأجل الْقَاصِر قلت وَهَذَا الْقَاصِر الْآن فِي الْأَحْيَاء وَهُوَ من الْفُضَلَاء البارعين كثر الله تَعَالَى من أَمْثَاله
عبد الْجَلِيل بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن تَقِيّ الدّين أبي بكر الْمَعْرُوف بِابْن عبد الْهَادِي الْعمريّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الصُّوفِي الْفَاضِل المتفوق الذيق كَانَ من نبلاء وقته ولطائفه مستعذف الْخَلِيفَة حُلْو المفاكهة وَله فِي أَنْوَاع الْفُنُون خبْرَة تَامَّة وقريحة متوقدة أَخذ العقاد والتصوف عَن وَالِده الاستاذ بركَة الشَّام وَقَرَأَ فنون الْأَدَب والمنطق على شَيخنَا عَلامَة الزَّمَان إِبْرَاهِيم الفتال وَشَيخنَا الْمُحَقق ابْن عَمه عبد الْقَادِر بن بهاء الدّين الْعمريّ وَأخذ الْعُلُوم الرياضية عَن الشَّيْخ رَجَب بن حُسَيْن الْمُقدم ذكره والْحَدِيث عَن الشَّيْخ الْكَبِير مُحَمَّد بن سُلَيْمَان المغربي ورحل إِلَى الْقَاهِرَة وَأخذ بهَا عَن النُّور الشبراملسي وتصدر للإقراء بِجَامِع الْأمَوِي مُدَّة وانتفع بِهِ جمَاعَة وَألف تآليف فائقة مِنْهَا شرح الجزرية سَمَّاهُ الدرة السّنيَّة وَشرح رِسَالَة الشَّيْخ أرسلان فِي التصوف وَله الرّبع الْجَامِع فِي الْفلك فِي أَعمال اللَّيْل وَالنَّهَار ورسالة سَمَّاهَا الدّرّ اللامع فِي الْعَمَل بِالربعِ الْجَامِع ورسالة فِي الرّبع المقنطر ورسالة فِي الهندسة ورسالة فِي الرمل سَمَّاهَا الْمُمْتَنع السهل فِي علم الرمل وَمن كَلِمَاته فِي الْحَقِيقَة لَا تزَال فِي ربقة الْأَمَانِي مَا دَامَت فِي ساحة المباني الْبَقَاء مرْآة التحلي والفناء منهل التخلي وَالْجمع منصة التحلي الرّكُوب للْغَيْر قطيعة