وَفَارق موطنه فحج أَولا وَأخذ بِمَكَّة عَن ابْن عَلان الصديقي وَكتب لَهُ إجَازَة مؤرخة بأواخر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَألف ثمَّ دخل دمشق وحلب فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأخذ بحلب عَن النَّجْم الحلفاوي الْأنْصَارِيّ وَلَزِمَه للْقِرَاءَة عَلَيْهِ فِي شرح الدُّرَر فِي الْفِقْه مَعَ حَاشِيَة الوافي وَشرح ابْن ملك على الْمنَار مَعَ حَوَاشِيه الثَّلَاث عزمي زَاده وقرا كَمَال والرضي بن الْحَنْبَلِيّ الْحلَبِي وَشرح الجامي مَعَ حَاشِيَته لعبد الغفور ومختصر الْمعَانِي مَعَ حَاشِيَته للخطائي ثمَّ خرج إِلَى الرّوم فورد مورد الْعَلامَة أبي السُّعُود الشعراني وَقَرَأَ عِنْده جَامع الْأُصُول للربيع اليمني وَهُوَ فِي تَحْرِير الْأَحَادِيث وَشرح الهمزية لِابْنِ حجر بِتَمَامِهِ وَنصف سيرة الْخَمِيس أَو قَرِيبا مِنْهُ وجانباً من فتاوي قَاضِي خَان وَبَعض فَرَائض السِّرَاجِيَّة وَكَثِيرًا من مبَاحث التَّفْسِير وَأَجَازَهُ وَلزِمَ الشهَاب الخفاجي فَقَرَأَ عَلَيْهِ بعض شرح الْمِفْتَاح للتفتازاني وَبَعض شرح نَفسه على الشفا وَكتب لَهُ خطه على هَامِش الْكِتَابَيْنِ وَلما ولي قَضَاء مصر استصحبه مَعَه إِلَى صلَة رَحمَه واستنابه بَين بَابي الْفَتْح والنصر وصيره معيداً لدرسه فِي حَاشِيَته على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَفِي شرح صَحِيح مُسلم للنووي وَأخذ بالروم عَن الْمولى يُوسُف بن أبي الْفَتْح الدِّمَشْقِي إِمَام السُّلْطَان وَولي من المناصب إِفْتَاء الشَّافِعِيَّة بالقدس مَعَ الْمدرسَة الصلاحية وَدخل دمشق وَأقَام بهَا فِي حجرَة بِجَامِع المرادية نَحْو سنتَيْن وَلم يقدر على الدُّخُول إِلَى الْقُدس خوفًا من الشَّيْخ عمر بن أبي اللطف مفتي الشَّافِعِيَّة قبله ثمَّ لما مَاتَ الشَّيْخ عمر ترحل إِلَيْهَا وَمكث بهَا أَيَّامًا وَلما لم ينل حَظه من أَهلهَا ترك الْفَتْوَى والتدريس وَرَأى الْمصلحَة فِي الرُّجُوع إِلَى الرّوم فانتقل إِلَيْهَا وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ انتظم فِي سلك الموَالِي فولي بعض مناصب وَمَات وَهُوَ مَعْزُول عَن ساقز وَله تآليف كَثِيرَة حَسَنَة الْوَضع أشهرها كِتَابه منتزه الْعُيُون والألباب فِي بعض الْمُتَأَخِّرين من أهل الْآدَاب جعله على طَريقَة الريحانة إِلَّا أَنه رتبه على حُرُوف المعجم وَجمع فِيهِ بَين شعراء الريحانة وشعراء المدائح الَّذِي أَلفه التقي الفارسكوري وَزَاد من عِنْده بعض متقدميه وَبَعض عصريين وَهُوَ مَجْمُوع لطيف وَفِيه يَقُول الأديب يُوسُف البديعي

(كتاب ذِي الْفضل عبد الْبر منتزه الْعُيُون ... أحسن تأليف وَمُنْتَخب)

(حوى محَاسِن أَقوام كَلَامهم ... فِي النّظم والنثر يلفى زبدة الْأَدَب)

(رأى البديعي مَا فِيهِ فحقق أَن ... مَا مثل رونقه فِي سَائِر الْكتب)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015