(وَإِذا لم يكن الطافح ... بالكاس هماما)
(فاغد واعذر وَإِذا رام ... خطابا قل سَلاما)
ويستحسن مِنْهُ قَوْله
(أذكرت أيتها الْحَمَامَة غيدا ... ومعاهداً سلفت لنا وعهودا)
(وصدحت فَوق أراكة فتصدّعت ... قلباً وَحين صعدت ذَا الأملودا)
(أذكرت أشجاناً لنا ومعاهداً ... وَصفا تقضّى طارفاً وتليدا)
(هَذَا على أَن الغرام إِذا زكى ... ظلّ الشجى يتَوَقَّع التغريدا)
(لله أَيَّام نعمت بهَا وَقد ... عقد الْغَمَام على الغصون نهودا)
(حَيْثُ الشجى طوراً يخمش كاعباً ... وَمن الجوى طوراً بجمش رودا)
(حَيْثُ الشمَال يُحَرك العذبات إِذْ ... يخطو ويخطر والرياض وبيدا)
(حَيْثُ المثاني والمثالث هَذِه ... ترنو وَذي بشجى تحرّك عودا)
(هَذَا وَمَعَ أَنا وَلَو طفحت كؤوس ... الراح واشتعل المدام وقودا)
(مَا حركت منا المدام سوى الرؤوس ... كَذَا الشمَال تحرّك الأملودا)
(أتؤوب هاتيك اللويلات الَّتِي ... فِيهَا نظمت لآلئاً وعقودا)
(ولرب خل حَاز أَنْوَاع الذكا ... وَلذَا غَدا فِي المكرمات فريدا)
(سامرته وجنوت من أَلْفَاظه ... مَا يخجل الصَّهْبَاء والعنقودا)
(وجلا عليّ عرائساً من فكره ... حسنت طلاً ومعاطفاً وقدودا)
(وأفادني وأفدته والخل يحمد ... أَن يفاد معانياً ويفيدا)
(فالعقل نَام والعفاف بِحَالهِ ... ومجيد فكرتنا استمرّ مجيدا)
(يَا عبد فابق على اصطباحك واغتباقك ... واصحبن الْعَهْد والمعهودا)
وَقد ذكرته فِي كتابي النفحة وَذكرت لَهُ من غزلياته قدرا زَائِدا على هَذَا وَالْحق أَن شعره مَا عَلَيْهِ غُبَار وَكَانَت وَفَاته فِي نَيف وَسِتِّينَ وَألف ببلدة منوف
عبد الْبر بن عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن زين الفيومي الْعَوْفِيّ الْحَنَفِيّ أحد أدباء الزَّمَان المتفوقين وفضلائه البارعين كَانَ كثير الْفضل جم الْفَائِدَة شَاعِرًا مطبوعاً مقتدراً على الشّعْر قريب المأخذ سهل اللَّفْظ حسن الإبداع للمعاني مخالطاً لكبار الْعلمَاء والأدباء معدوداً من جُمْلَتهمْ أَخذ الْعلم بِمصْر عَن الشَّيْخ أَحْمد الوارثي الصديقي وَالْأَدب عَن الشَّيْخ مُحَمَّد الْحَمَوِيّ والقراآت عَن الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن اليمني