(ظن عذالي سلوى ... إِن بعض الظَّن إِثْم)
وَكَانَت وَفَاته بِمصْر فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَسبعين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى
عبد الْبَاقِي بن يُوسُف بن أَحْمد شهَاب الدّين بن مُحَمَّد بن علوان الزّرْقَانِيّ الْمَالِكِي الْعَلامَة الإِمَام الْحجَّة شرف الْعلمَاء ومرجع الْمَالِكِيَّة وَكَانَ عَالما نبيلاً فَقِيها متبحراً لطيف الْعبارَة ولد بِمصْر فِي سنة عشْرين وَألف وَبهَا نَشأ وَلزِمَ النُّور الأَجْهُورِيّ سِنِين عديدة وَشهد لَهُ بِالْفَضْلِ وَأخذ عُلُوم الْعَرَبيَّة عَن الْعَلامَة يس الْحِمصِي والنور الشبراملسي وَحضر الشَّمْس البابلي فِي دروسه الحَدِيث وَأَجَازَهُ جلّ شُيُوخه وتصدر للإقراء بِجَامِع الْأَزْهَر وَألف مؤلفات كَثِيرَة مِنْهَا شرح على مُخْتَصر خَلِيل تشد إِلَيْهِ الرّحال وَشرح على العزية وَغير ذَلِك وَكَانَ رَقِيق الطَّبْع حسن الْخلق جميل المحاورة لطيف التأدية للْكَلَام وَكَانَت وَفَاته ضحى يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشري شهر رَمَضَان سنة تسع وَتِسْعين وَألف بِمصْر وَدفن بتربة المجورين
عبد الْبَاقِي شَاعِر الرّوم وحسانها الأديب الشَّاعِر الْفَائِق الشهير بباقي كَانَ أوحد أهل عصره فِي الْفضل وَالْأَدب وَله الشُّهْرَة الطنانة فِي الشّعْر البليغ وَأهل الرّوم يطلقون عَلَيْهِ سُلْطَان الشُّعَرَاء فِيمَا بَينهم وَذكر مبدأه أَنه كَانَ يتعانى حِرْفَة السُّرُوج ثمَّ تَركهَا وتشبث بأذيال الْعُلُوم واشتغل على كثير من عُلَمَاء وقته وَوصل آخرا إِلَى شيخ الْإِسْلَام أبي السُّعُود الْعِمَادِيّ فواظب على درسه وفاز مِنْهُ بالملازمة الْعُرْفِيَّة وَمَا زَالَ صيته يسمو بِحسن الشّعْر حَتَّى وصل إِلَى مسامع السُّلْطَان سُلَيْمَان فَالْتَفت إِلَيْهِ وصيره مدرساً وَلم يزل يترقى فِي الْمدَارِس إِلَى أَن وصل إِلَى إِحْدَى الْمدَارِس السليمانية ثمَّ عزل عَنْهَا بِلَا مُوجب وأدركته حِرْفَة الْأَدَب ثمَّ بعد مُدَّة ولي الْمدرسَة السليمية بدار السلطنة وَولي مِنْهَا قَضَاء مَكَّة المشرفة ثمَّ نقل إِلَى قَضَاء الْمَدِينَة المنورة وعزل عَنْهَا فَأَقَامَ معزولاً عدَّة سِنِين ثمَّ استقضى بدار السلطنة ونال بعد ذَلِك قَضَاء العسكرين مرّة بعد مرّة وَقد ذكره الْمولى عبد الْكَرِيم بن سِنَان فِي تراجمه فَقَالَ فِي وَصفه كَانَ ذَا بَيَان عذب ولسان عضب حل عقد الفصاحة بِمَا قَيده وبيض وَجه البلاغة بِمَا سوده نفث فِي عقول الْبَحْر بسحره وطار إِلَى الأقطار هزار شعره لَهُ منظوم أرق من الدمع ومنثور يقتطف ببنان السّمع
(بِكُل لفظ كَأَنَّهُ نفس ... غير مُمل لطول ترديد)
حلى جيد الزَّمَان بفرائد قلائده وَمَا الدَّهْر إِلَّا من رُوَاة قصائده سَارَتْ بأشعاره